وبايع قومك ، فقال : أما والله حتّى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب سنان رمحي ، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل. وأيم الله لو أنّ الجنّ اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربّي وأعلم ما حسابي)(١٠٢).
فلمّا أتي أبو بكر بذلك ، قال عمر : لا تدعه حتّى يبايع.
فقال له بشير بن سعد : إنّه قد لجّ وأبى ، وليس بمبايعكم حتّى يقتل ، وليس بمقتول حتّى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته ، فاتركوه فليس تركه بضارّكم ، إنّما هو رجل واحد.
فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد ، واستنصحوه لما بدا لهم منه ، فكان سعد لا يصلّي بصلاتهم ولا يجتمع معهم ولا يحجّ ولا يفيض معهم بإفاضتهم ـ الخ. (فلم يزل كذلك حتّى توفي أبو بكر وولي عمر) (١٠٣).
ولمّا ولي عمر الخلافة لقيه في بعض طرق المدينة.
فقال له : إيه يا سعد!؟
فقال له : إيه يا عمر!؟
فقال له عمر : أنت صاحب المقالة؟
قال سعد : نعم ، أنا ذلك ، وقد أفضى إليك هذا الأمر ، كان والله صاحبك أحبّ إلينا منك وقد أصبحت والله كارها لجوارك.
فقال عمر : من كره جوار جار تحوّل عنه.
فقال سعد : ما أنا غير مستسرّ بذلك ، وأنا متحوّل إلى جوار من هو
__________________
(١٠٢) الطبري ٣ / ٤٥٩. وابن الأثير ٢ / ١٢٦. أورد الرواية إلى : فاتركوه. وكنز العمال ٣ / ١٣٤ ، ح ٢٢٩٦. والإمامة والسياسة ١ / ١٠ ، والسيرة الحلبية ٤ / ٣٩٧ ، بعده : (لا يسلّم على من لقي منهم). والطبري ط. أوربا ١ / ١٨٤٤.
(١٠٣) الرياض النضرة ١ / ١٦٨ ، مضافا إلى سائر المصادر.