الشّورى كي لا يقال : هو الّذي زهد في الخلافة. ويدلّ على أنّه كان يعلم ما بيّت له ، الحديث الآتي :
روى البلاذري في ٥ / ١٩ من كتابه أنساب الأشراف :
إنّ عليّا شكا إلى عمّه العبّاس ما سمع من قول عمر : كونوا مع الّذين فيهم عبد الرّحمن بن عوف ، وقال : والله لقد ذهب الأمر منّا. فقال العبّاس : وكيف قلت ذلك يا ابن أخي؟ فقال : إنّ سعدا لا يخالف ابن عمّه عبد الرّحمن وعبد الرّحمن نظير عثمان وصهره فأحدهما لا يخالف صاحبه لا محالة ، وإن كان الزبير وطلحة معي فلن أنتفع بذلك إذ كان ابن عوف في الثلاثة الآخرين. وقال ابن الكلبي : عبد الرّحمن بن عوف زوج أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأمّها أروى بنت كريز وأروى أمّ عثمان فلذلك قال صهره. وقريب منه ما في العقد الفريد ٣ / ٧٤.
وروى في ص ٢١ منه عن أبي مخنف قال :
لما دفن عمر أمسك أصحاب الشورى وأبو طلحة يؤمّهم فلم يحدثوا شيئا ، فلمّا أصبحوا جعل أبو طلحة يحوشهم للمناظرة في دار المال ، وكان دفن عمر يوم الأحد وهو الرابع من يوم طعن ، وصلّى عليه صهيب بن سنان. قال : فلمّا رأى عبد الرّحمن تناجي القوم وتناظرهم وأنّ كلّ واحد منهم يدفع صاحبه عنها ، قال لهم : يا هؤلاء أنا أخرج نفسي وسعدا على أن أختار يا معشر الأربعة أحدكم ، فقد طال التناجي وتطلّع الناس إلى معرفة خليفتهم وإمامهم ، واحتاج من أقام الانتظار ذلك من أهل البلدان الرجوع إلى أوطانهم ، فأجابوا إلى ما عرض عليهم إلّا عليّا فإنّه قال : أنظر.
وأتاهم أبو طلحة فأخبره عبد الرّحمن بما عرض وبإجابة القوم إيّاه إلّا عليّا فأقبل أبو طلحة على عليّ ، فقال : يا أبا الحسن إنّ أبا محمّد ثقة لك وللمسلمين ، فما بالك تخالف وقد عدل الأمر عن نفسه ، فلن يتحمّل المأثم