على تلكم الأقوال قول بعضهم :
(إنّها تثبت بالقهر والغلبة ، ولا تفتقر إلى العقد).
(ومن غلب عليهم بالسيف حتّى صار خليفة وسمّي أمير المؤمنين ، فلا يحلّ لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما برّا كان أو فاجرا ، فهو أمير المؤمنين).
وقال في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم : (تكون الجمعة مع من غلب) واحتجّ بأنّ ابن عمر صلّى بأهل المدينة في زمن الحرّة وقال : (نحن مع من غلب) (١٣).
وقال إمام الحرمين الجويني (ت : ٤٧٨ ه) في باب الاختيار وصفته وذكر ما ينعقد به الإمامة من كتاب الإرشاد :
(اعلموا أنّه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمّة على عقدها. والدليل عليه أنّ الإمامة لمّا عقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ، ولم يتأنّ لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصّحابة في الأقطار ، ولم ينكر عليه منكر ، ولم يحمله على التريّث حامل. فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة ، لم يثبت عدد معدود ، ولا حدّ محدود ،
__________________
(١٣) المصدر السابق ص ٧ ـ ٨ في طبعة وفي أخرى ص ٢٠ ـ ٢٣.
وابن عمر ، هو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، أمّه زينب بنت مظعون الجمحية. استصغره الرسول في أحد وشهد ما بعدها. روي عنه في الثناء على نفسه وأبيه روايات متعددة. أفتى ستّين سنة بعد رسول الله في الموسم. قالوا : كان جيّد الحديث ، ولم يكن جيّد الفقه. لم يشهد شيئا من الحروب مع عليّ ، ثمّ ندم من ذلك لمّا حضرته الوفاة ، قال : (ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أنّي لم أقاتل الفئة الباغية مع عليّ بن أبي طالب). وكان سبب وفاته أنّ الحجّاج أمر رجلا فوضع زجّ رمح مسموم على قدمه في الزحام فمات سنة ٧٣ ه ، وروى عنه أصحاب الصحاح ٢٦٣٠ حديثا. ترجمته بأسد الغابة وسير النبلاء وجوامع السيرة ص ٢٧٥.