مرسل من قبل الله ، ويسألهم أن يصدّقوه ويمنعوه حتى يبيّن عن الله ما بعثه به.
قال : وإنّه أتى بني عامر بن صعصعة ذات مرّة فدعاهم إلى الله عزوجل ، وعرض عليهم نفسه ، فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس (٣٧) : والله لو أنّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب. ثمّ قال له : أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال : «الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء» قال: فقال له : أفنهدف نحورنا (٣٨) للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك (٣٩).
* * *
إنّ هذا العربي كان يفهم (أمر رسول الله (ص)) على أنه سيادة وحكم على العرب ، فأراد أن يعقد مع الرسول (ص) حلفا يكون لقبيلته الحكم والسيادة على العرب من بعد الرسول (ص) ، لكنّ الرسول (ص) امتنع من إجابته رغم حاجته الشديدة يوم ذاك إلى المؤازرين ، لأنّ الأمر ليس إليه وإنّما الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء.
وكذلك كان شأن هوذة بن عليّ الحنفي في طلبه من الرسول (ص) حين دعاه الرسول (ص) إلى الإسلام كما في طبقات ابن سعد ، ما ملخّصه : كتب رسول الله (ص) إلى هوذة بن عليّ الحنفي يدعوه إلى الإسلام ،
__________________
(٣٧) قال ابن هشام : فراس ، ابن عبد الله بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. سيرة ابن هشام ٢ / ٣٣.
(٣٨) (أفنهدف نحورنا) معناه نصيّرها هدفا ، والهدف : الغرض الّذي يرمى بالسهام إليه.
(٣٩) سيرة ابن هشام ٢ / ٣١ ـ ٣٤. والطبري ، ط. أوربا ١ / ١٢٠٥ ـ ١٢٠٦.