كما أنّها ليست من قضايا أوجدها الاستعمار لإيجاد التفرقة بين المسلمين ليحسن السكوت عليها ، بل هي قضايا كانت قائمة ومنتشرة في المجتمع الإسلامي منذ عصر إمام الحنابلة أحمد (ت : ٢٤٠ ه) وعصر الشيخ ابن تيميّة (ت : ٧٢٨ ه) من أتباع مدرسته ، بل قبلهما وبعدهما إلى اليوم. وإنّ قتل مئات الألوف من المسلمين وإحراق مكتباتهم في شتّى العصور ومختلف البلاد خير دليل على ما نقول. فهي إذن مما يستفاد منها سياسيا من قبل تلك الحكومة أو ذلك الاستعمار ، متى ما شاءت تلك أو شاء هذا ، فيما إذا لم تعالج. ثمّ إنّها ، كما ذكرنا ، عقائد راسخة والسكوت عنها على مضض لن يحقّق وحدة بين المسلمين ولا تقاربا ولا تفاهما ، بل يعمّق الجرح ويوسّع شقّة الخلاف ويطيل أمدها. ولمزيد التوضيح وإقامة الدليل على ما بيّنت ، أذكر بعض مشاهداتي من آثار مسائل الخلاف بين أبناء الأمّة الإسلاميّة في ما يأتي.