واستدلّ المتأخّرون من أتباع مدرسة الخلفاء على صحّة إقامة الإمامة بالشورى بآيتين من كتاب الله ، وبما ورد عن رسول الله (ص) أنّه كان يستشير أصحابه في بعض الأمور المهمّة ، وبكلمة عن الإمام عليّ. ونحن نبدأ هنا بدراسة ما استدلّوا به في هذا الصّدد ثمّ ندرس الشورى الّتي أمر بها الخليفة عمر.
الاستدلال للشورى بكتاب الله وسنة رسوله
استدلّوا :
أ ـ بقوله تعالى للمؤمنين : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) الشورى / ٣٨.
ب ـ بقوله تعالى لرسوله (ص) : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) آل عمران / ١٥٩.
ج ـ إنّ رسول الله (ص) كان يستشير أصحابه في الأمور المهمّة ، فنقول :
أولا ـ الاستدلال بآية (وَأَمْرُهُمْ شُورى)
إنّ هذه الجملة من الآية ٣٨ من سورة الشورى جاء بعدها : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ). كلتا الجملتين تدلان على رجحان الفعل فيهما ، وليس على وجوب التشاور والإنفاق.
هذا أولا ، وثانيا إنّما يصح التشاور في أمر لم يرد فيه من الله ورسوله حكم ، فقد قال الله سبحانه :
(ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب / ٣٦.
وسيأتي بعيد هذا ما ورد عن الله ورسوله (ص) في أمر الإمامة ما لا يبقى معه مورد للتشاور.
ثانيا ـ الاستدلال بآية (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)
إنّ هذه الآية التاسعة والخمسين بعد المائة من سورة آل عمران قد وردت