ضمن سلسلة من آيات ١٣٩ ـ ١٦٦ منها ، وكلّها في أمر غزوات الرسول (ص) وكيف نصرهم الله فيها ، وفي بعضها يخاطب المسلمين وخاصة الغزاة منهم ويعظهم ، وفي بعضها يخاطب الرسول (ص) خاصّة ومن ضمنها هذه الآية :
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
يظهر جليّا أنّ الأمر بالمشاورة في هذه الآية كان بقصد الملاينة معهم والرحمة بهم ، ولم يكن أمرا بالعمل برأيهم ، بل قال له : فإذا عزمت فتوكّل واعمل برأيك. ويفهم من المجموع أيضا أنّ مقام المشاورة الراجحة إنّما هو في الغزوات ، وما ذكره من مشاورة الرسول (ص) أصحابه أيضا كانت في الغزوات كما سنذكرها في ما يأتي :
ثالثا ـ الاستدلال بمشاورة الرسول (ص) أصحابه
إنّ مشاورة الرسول (ص) أصحابه كانت في الغزوات فقط ، كما صرح بذلك الصحابي أبو هريرة ، وقال :
فلم أر أحدا كان أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانت مشاورته أصحابه في الحرب فقط (٣). وأشهرها مشاورته معهم في غزوة بدر ، وقصتها كما يأتي :
أ ـ غزوة بدر
ندب رسول الله (ص) أصحابه للتعرّض لقافلة قريش التجارية الراجعة
__________________
(٣) كتاب المغازي للواقدي ٢ / ٥٨٠. تحقيق الدكتور مارسدن جونس.