يا رسول الله ، امض لأمر الله فنحن معك ؛ والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيّها : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) المائدة / ٢٤ ، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون ؛ والّذي بعثك بالحقّ لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ـ وبرك الغماد من وراء مكّة بخمس ليال من وراء الساحل ممّا يلي البحر ، وهو على ثماني ليال من مكّة إلى اليمن ـ فقال له رسول الله (ص) خيرا ، ودعا له بخير.
ثمّ قال رسول الله (ص) : «أشيروا عليّ أيّها الناس!» وإنما يريد رسول الله (ص) الأنصار ، وكان يظنّ أنّ الأنصار لا تنصره إلّا في الدار ، وذلك أنّهم شرطوا له أن يمنعوه ممّا يمنعون منه أنفسهم وأولادهم. فقال رسول الله (ص) : «أشيروا عليّ!» فقام سعد بن معاذ فقال :
أنا أجيب عن الأنصار ؛ كأنك يا رسول الله تريدنا! فقال : «أجل». قال :
إنّك عسى أن تكون خرجت عن أمر قد أوحي إليك في غيره ، وإنّا قد آمنّا بك وصدّقناك ، وشهدنا أنّ كلّ ما جئت به حقّ ، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السّمع والطاعة ؛ فامض يا نبيّ الله ؛ فو الّذي بعثك بالحقّ لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما بقي منّا رجل ؛ وصل من شئت ، واقطع من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، وما أخذت من أموالنا أحبّ إلينا ممّا تركت. والّذي نفسي بيده ، ما سلكت هذا الطريق قطّ ، وما لي بها من علم ، وما نكره أن يلقانا عدوّنا غدا ؛ إنّا لصبر عند الحرب. صدق عند اللّقاء ، لعلّ الله يريك منّا ما تقرّ به عينك.
حدّثنا محمّد قال : حدّثنا الواقديّ قال : فحدّثني محمّد بن صالح ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد قال : قال سعد :
يا رسول الله ، إنّا قد خلّفنا من قومنا قوما ما نحن بأشدّ حبّا لك منهم ،