الله (ص) برأي أصحابه ، كما ورد في مغازي الواقدي وإمتاع الأسماع للمقريزي (٧) ، قالا :
إنّ رسول الله (ص) صعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
«أيّها النّاس ، إنّي رأيت في منامي رؤيا : رأيت كأنّي في درع حصينة ، ورأيت كأنّ سيفي ذا الفقار انقصم (٨) من عند ظبته (٩) ، ورأيت بقرا تذبح ؛ ورأيت كأنّي مردف كبشا».
فقال الناس : يا رسول الله (ص) ، فما أوّلتها؟ قال :
«أما الدّرع الحصينة فالمدينة ، فامكثوا فيها. وأمّا انقصام سيفي من عند ظبته فمصيبة في نفسي. وأما البقر المذبّح فقتلى في أصحابي. وأمّا أنّي مردف كبشا فكبش الكتيبة نقتله إن شاء الله».
وفي رواية :
«وأمّا انقصام سيفي فقتل رجل من أهل بيتي». وقال : «أشيروا عليّ» ورأى رسول الله (ص) ألّا يخرج من المدينة فوافقه عبد الله بن أبيّ والأكابر من الصّحابة مهاجرهم وأنصارهم ، وقال عليهالسلام : «امكثوا في المدينة واجعلوا النّساء والذّراريّ في الآطام ، فإن دخل علينا قاتلناهم في الأزقّة ـ فنحن أعلم بها منهم ـ ورموا من فوق الصياصي والآطام» (١٠). وكانوا قد شبّكوا المدينة بالبنيان من كلّ ناحية فهي كالحصن ، فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا وطلبوا الشهادة وأحبّوا لقاء العدوّ : اخرج بنا إلى عدوّنا. وقال حمزة ، وسعد بن عبادة ، والنعمان بن مالك بن ثعلبة ، في طائفة من الأنصار : إنّا نخشى يا رسول الله أن يظنّ عدونا أنّا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم ،
__________________
(٧) مغازي الواقدي ص : ٢٠٨ ـ ٢١٤. وإمتاع الأسماع للمقريزي ص ١١٣ ـ ١١٨.
(٨) انقصم : تكسّر وتثلم.
(٩) الظّبة : حدّ السيف من قبل ذبابه وطرفه.
(١٠) الصياصي جمع صيصية : وهي الحصون ، والآطام جمع أطم : وهي بيوت من حجارة كانت لأهل المدينة.