سيف ، واعتمّ ، وتقلّد السيف. فقال الّذين يلحّون : يا رسول الله ، ما كان لنا أن نخالفك ، فاصنع ما بدا لك ، فقال : «قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم ، ولا ينبغي لنبيّ إذا لبس لامته أن يضعها حتّى يحكم الله بينه وبين أعدائه ، انظروا ما أمرتكم به فاتّبعوه ، امضوا على اسم الله فلكم النّصر ما صبرتم».
* * *
لعلّ الحكمة في استجابة رسول الله (ص) لإلحاح أصحابه في الخروج أنّه لو لم يستجب لهم الرسول لأثّر في أنفسهم تأثيرا سيّئا ، وأولد فيهم الضعف والاستكانة بدل الإقدام والشجاعة ، أمّا عدم استجابته لهم بعد أن طابقوا رأيه فقد ذكر هو (ص) حكمته.
مثال آخر من عمل الرسول برأي أصحابه فيما أشاروا عليه : قصّة جرت في غزوة الخندق نوردها في ما يأتي :
ج ـ غزوة الخندق
روى الواقدي والمقريزي عن بدء غزوة الخندق وقالا :
«وشاورهم رسول الله (ص). وكان رسول الله يكثر مشاورتهم في الحرب ... فأشار عليهم سلمان بحفر الخندق».
وأخبرا كذلك عن مشاورة أخرى في آخر أيام القتال وقالا :
وأقام (ص) وأصحابه محصورين بضع عشرة ليلة حتّى اشتدّ الكرب ، وقال (ص) : «اللهم إنّي أنشدك عهدك ووعدك ؛ اللهم إنّك إن تشأ لا تعبد». وأرسل إلى عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف ـ وهما رئيسا غطفان ـ أن يجعل لهما ثلث ثمر المدينة ويرجعا بمن معهما ، فطلبا نصف الثّمر فأبى عليهم إلّا الثّلث ، فرضيا. وجاءا في عشرة من قومهما حتّى تقارب الأمر ، وأحضرت الصّحيفة والدّواة ليكتب عثمان بن عفّان (رض) الصّلح ـ وعبّاد بن بشر قائم على رأس رسول الله (ص) مقنّع في الحديد ـ ، فأقبل أسيد بن حضير ، وعيينة مادّ رجليه فقال له : يا عين الهجرس ، اقبض