كما كان شأن مالك بن نويرة عامل رسول الله (ص) (٢٠) وأسرته من قبيلة تميم حين دهمهم جيش خالد بن الوليد ليلا ، وأخذوا السلاح ، فقال جيش خالد : إنّا المسلمون. فقال أصحاب مالك : ونحن المسلمون. فقال لهم جيش خالد : فإن كنتم كما تقولون ، فضعوا السّلاح. فوضعوها ثمّ صلّوا مع جيش خالد (٢١) : ثمّ أخذوهم إلى خالد بن الوليد ، فأمر بضرب عنق مالك. فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد : هذه الّتي قتلتني ـ وكانت في غاية الجمال ـ فقال خالد : بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام. فقال مالك : إنّا على الإسلام. وبعد قتله أمر خالد برأسه فنصب أثفية للقدر وتزوج بامرأته في تلك الليلة ولمّا يدفن مالك (٢٢).
وكما كان شأن قبائل كندة ، فإنّ زياد بن لبيد البياضي عامل أبي بكر أخذ ناقة لفتى من كندة ، فسأله الكندي أخذ غيرها فأبى ذلك ، لأنّه وسمها بميسم الصدقة (٢٣). فذهب الفتى إلى رجل من سادات كندة يقال له : حارثة بن سراقة ، وقال له : يا ابن عمّ إنّ زياد بن لبيد قد أخذ لي ناقة فوسمها وجعلها مع إبل الصدقة ، وأنا مشغوف بها ، فإن رأيت أن تكلّمه فيها فلعلّه أن يطلقها ويأخذ غيرها من إبلي. فأقبل حارثة إلى زياد وقال له : إن رأيت أن تردّ ناقة هذا الفتى عليه وتأخذ غيرها فعلت منعما. فقال زياد : قد وضع عليها ميسم الصدقة. فترادّا الكلام ، فأقبل حارثة إلى إبل الصدقة فأخرج الناقة بعينها ،
__________________
(٢٠) راجع ترجمته في الإصابة ٣ / ٣٣٦ ، رقم الترجمة : ٧٦٩٨.
(٢١) تاريخ الطبري ط. أوربا ١ / ١٩٢٧ ـ ١٩٢٨ وراجع تاريخ اليعقوبي ط. بيروت ، ٢ / ١٣١.
(٢٢) راجع تاريخ أبي الفداء ص ١٥٨. ووفيات الأعيان ، ترجمة وثيمة. وكذلك فوات الوفيات. وبقية المصادر مع تفصيل الخبر في كتاب عبد الله بن سبأ ط. بيروت سنة ١٤٠٣ ه ، ١ / ١٨٥ ـ ١٩١.
(٢٣) فتوح البلدان ، ردة بني وليعة والأشعث بن قيس.