احتجّوا بالشّجرة وأضاعوا الثّمرة (٢٩).
وقوله ـ أيضا ـ في باب الحكم :
وا عجبا! أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة (٣٠).
قال الرضي : وله شعر بهذا المعنى :
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم |
|
فكيف بهذا والمشيرون غيب |
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم |
|
فغيرك أولى بالنبيّ وأقرب |
وأجمع أقواله في هذا الباب ما وردت في الخطبة الشقشقية (خ : ٣) الّتي قال فيها(ع) :
«أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى ينحدر عنّي السّيل ولا يرقى إليّ الطّير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا. وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء (٣١) أو أصبر على طخية عمياء (٣٢) يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه (٣٣) فرأيت أنّ الصّبر على هاتا أحجى (٣٤) فصبرت وفي العين
__________________
(٢٩) يريد من الثمرة آل بيت الرسول (ص).
(٣٠) نهج البلاغة ، الحكمة : رقم ١٨٥ ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
(٣١) وطفقت ... الخ : بيان لعلة الإغضاء. والجذّاء : بمعنى المقطوعة. ويقولون : رحم جذاء ، أي : لم توصل. وسن جذاء أي متهتمة. والمراد هنا ليس ما يؤيدها. كأنه قال : تفكرت في الأمر فوجدت الصبر أولى فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا.
(٣٢) طخية : أي ظلمة ، ونسبة العمى إليها مجاز عقلي ، وإنما يعمى القائمون فيها إذ لا يهتدون إلى الحق ، وهو تأكيد لظلام الحال واسودادها.
(٣٣) يكدح : يسعى سعي المجهود.
(٣٤) أحجى : ألزم ، من حجى به كرضي : أولع به ولزمه. ومنه : هو حجيّ بكذا أي : جدير ، وما أحجاه وأحج به أي : أخلق به ، وأصله من الحجا بمعنى العقل ، فهي أحجى أي أقرب إلى العقل ، وهاتا بمعنى هذه ، أي : رأى الصبر على هذه الحالة التي وصفها أولى بالعقل من الصولة بلا نصير.