خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمني النّاس لعمر الله ـ بخبط وشماس (٤٢) وتلوّن واعتراض ؛ فصبرت على طول المدّة ، وشدّة المحنة ؛ حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله وللشّورى (٤٣) متى
__________________
ـ يملكها. يقال : أشنق الناقة ، إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه ؛ وشنقها أيضا ، ذكر ذلك ابن السكّيت في إصلاح المنطق. وإنّما قال : «أشنق لها» ولم يقل : «أشنقها» لأنه جعله في مقابلة قوله : «أسلس لها» فكأنّه عليهالسلام قال : إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها. انتهى.
الصعبة : إما أن يشنقها فيخرم أنفها ، وإما أن يسلس لها فترمي به في مهواة تكون فيها هلكته.
(٤٢) مني الناس : ابتلوا وأصيبوا ، والشماس ـ بالكسر ـ : إباء ظهر الفرس عن الركوب. والنفار. والخبط : السير على غير جادة. والتلون : التبدل. والاعتراض : السير على غير خط مستقيم ، كأنّه يسير عرضا في حال سيره طولا يقال : بعير عرضي ، يعترض في سيره لأنه لم يتم رياضته ، وفي فلان عرضية ، أي : عجرفة وصعوبة.
(٤٣) لقد أوردنا تفصيل القصّة من أوثق المصادر في ما سبق ، وقال الشيخ محمد عبده في شرحه لهذا الكلمة :
كان سعد من بني عمّ عبد الرحمن كلاهما من بني زهرة ، وكان في نفسه شيء من عليّ كرم الله وجهه من قبل أخواله لأنّ أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ، ولعليّ في قتل صناديدهم ما هو معروف مشهور. وعبد الرحمن كان صهرا لعثمان ؛ لأنّ زوجته أمّ كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط كانت أختا لعثمان من أمّه ، وكان طلحة ميّالا لعثمان لصلات بينهما ، على ما ذكره بعض رواة الأثر. وقد يكفي في ميله إلى عثمان انحرافه عن علي ، لأنّه تيميّ وقد كان بين بني هاشم وبني تيم مواجد لمكان الخلافة في أبي بكر وبعد موت عمر بن الخطاب (رض) اجتمعوا وتشاوروا فاختلفوا ، وانضمّ طلحة في الرأي إلى عثمان ، والزبير إلى علي ، وسعد إلى عبد الرحمن. وكان عمر قد أوصى بأن لا تطول مدة الشورى فوق ثلاثة أيام ، وأن لا يأتي الرابع إلا ولهم أمير وقال : إذا كان خلاف فكونوا مع الفريق الّذي فيه عبد الرحمن. فأقبل عبد الرحمن على عليّ وقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله ورسوله ـ (ص) ـ وسيرة الخليفتين من بعده. فقال عليّ : أرجو أن أفعل وأعمل على مبلغ علمي وطاقتي ؛ ثم دعا عثمان وقال له مثل ذلك ، فأجابه بنعم. فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد حيث كانت المشورة وقال : اللهم اسمع واشهد. اللهمّ إنّي جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان ، وصفق يده في يد عثمان. وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين وبايعه. قالوا : وخرج الإمام عليّ واجدا ، فقال المقداد بن الأسود لعبد الرحمن : والله لقد تركت عليّا وإنّه من الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون. فقال : يا مقداد لقد تقصيت الجهد للمسلمين. فقال المقداد : والله إني لأعجب من قريش ، إنّهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أنّ رجلا أقضى بالحقّ ولا أعلم به منه. فقال عبد الرحمن : يا مقداد ، إني ـ