وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ، ثمّ قال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
* * *
كانت هذه الدعوة في السنّة الثالثة من البعثة ، وهي أوّل مرّة أظهر فيها الرّسول (ص) الدعوة إلى الإسلام ، وشخّص فيها الإمام من بعده وعرّفه للأقربين إليه. وإنّما فعل ذلك هنا ، ولم يفعله بعدها بعشر سنوات ويوم أخذ البيعة من الأنصار لإقامة المجتمع الإسلامي ، لأنّ الإمام كان من غير قبائل الأنصار وكان بناء المجتمع عندهم على أساس قبلي ، ولم يكن من الحكمة أن يأخذ البيعة منهم لمن يلي الأمر بعده وهو ليس من قبائل الأنصار ، فاكتفى في ذلك المقام بأخذ البيعة منهم أن لا ينازعوه في الأمر.
وفي هذه المرّة شخّصه للأقربين إليه في محاورة شبيهة بمشاورة أصحابه في غزوة بدر ، فإنّه مع علمه في غزوة بدر بعاقبة الأمر ، كما أخبر بها أصحابه بعد الانتهاء من المشاورة وأراهم مصارع المشركين ، مع ذلك استشارهم أوّل الأمر في ما يفعل ، وكذلك فعل هنا ، فإنّه مع علمه بالعاقبة وأنّ الّذي يقبل مؤازرته هو الإمام عليّ ، مع ذلك علّق تعيين الوزير والوصيّ والخليفة من بعده على قبول المؤازرة في التبليغ وليتقدّم بالقبول أيّهم شاء ، ولمّا أبى كلّهم ذلك ، وبادر بالقبول ابن عمّه عليّ ، أخذ برقبته وقال فيه ما مرّ وأمرهم بطاعته.
* * *
رأينا في ما مرّ بنا إلى هنا اهتمام الرسول (ص) بأمر الإمامة من بعده : يشخّصه في مكان ، ويأخذ البيعة أن لا ينازعوه في مكان آخر ، ويقابل طمع الطّامعين بالرفض في غيرهما.
ومن أجل أن ندرك مدى اهتمام الرسول (ص) بأمر من يستخلفه من