بعده ، ندرس في ما يأتي ما كان يعمله (ص) عند ما يغيب عن المدينة أيّاما معدودات في الغزوات ، وكيف كان يعيّن خليفة عليهم من بعده.
باب ذكر من استخلف الرسول (ص) على المدينة في غزواته
في السنة الثانية من الهجرة :
أذن لرسول الله (ص) بالقتال في صفر من السنة الثانية ، فغزا بالمهاجرين يعترض عيرا لقريش فبلغ ودّان والأبواء (٧).
أولا : استخلف سعد بن عبادة سيّد الخزرج من الأنصار خمس عشرة ليلة ، مدة غيبته عن المدينة.
ثانيا : استخلف في غزوة بواط (٨) سعد بن معاذ من سادة الأوس من الأنصار في ربيع الأول.
ثالثا : استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوته لطلب كرز بن جابر الفهري ـ وكان أغار على سرح المدينة ـ فبلغ (ص) سفوان وفاته كرز والسرح (٩).
رابعا : استخلف أبا سلمة المخزومي في غزوة ذي العشيرة ، حين ذهب في جمادى الأولى أو الثانية يعترض عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام ، ففاتته ، وكان
__________________
(٧) الأبواء : قرية من أعمال فراض على بعد ٢٣ ميلا من المدينة ، فيها قبر آمنة أمّ النبيّ (ص).
وودّان : قرية على مرحلة من الجحفة بينها وبين الأبواء ستّة أميال. معجم البلدان.
(٨) بواط : من جبال جهينة من طريق الشام ، وبين بواط والمدينة ثمانية برد ، وبرد : جمع البريد ويبلغ البريد : اثني عشر ميلا. في معجم البلدان بمادة بواط.
يبدو جليا مراعاة رسول الله (ص) في الغزوتين الأوليين مشاعر الأنصار القبلية حين استخلف في الأولى سيّد الخزرج وفي الثانية سيّدا من الأوس.
(٩) كانت هذه الغزوة أيضا في ربيع الأول وبعد بواط. وسفوان : واد بناحية بدر.
كرز بن جابر بن حسل الفهري : قتل يوم الفتح مع رسول الله (ص). راجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم في ذكر نسب بني محارب بن فهر ، وبترجمته من الإصابة.