خبر آخر يؤيد الخبر السابق :
في صفّين لنصر بن مزاحم وتاريخ ابن كثير واللّفظ للأول :
قال : لمّا نزل عليّ الرقّة بمكان يقال له بليخ على جانب الفرات ، فنزل راهب هناك من صومعته فقال لعلي : إنّ عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا ، كتبه أصحاب عيسى بن مريم ، أعرضه عليك؟ قال عليّ : نعم ، فما هو؟ قال الراهب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الّذي قضى فيما قضى ، وسطر فيما سطر ، أنّه باعث في الأميّين رسولا منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة ، ويدلّهم على سبيل الله ، لا فظّ ولا غليظ ، ولا صخّاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، أمّته الحمّادون الّذين يحمدون الله على كلّ نشز ، وفي كلّ صعود وهبوط ، تذلّ ألسنتهم بالتهليل والتكبير والتسبيح ، وينصره الله على كلّ من ناواه ، فإذا توفّاه الله اختلفت أمّته ثمّ اجتمعت ، فلبثت بذلك ما شاء الله ثمّ اختلفت ، فيمرّ رجل من أمّته بشاطئ هذا الفرات ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحقّ ، ولا يرتشي في الحكم. الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح ، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء. يخاف الله في السرّ ، وينصح له في العلانية ، ولا يخاف في الله لومة لائم. من أدرك ذلك النبيّ (ص) من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنّة ، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره ، فإنّ القتل معه شهادة.
__________________
وقد بني في مكان الدير منذ قرون مسجد براثا ، وتغيّر مجرى نهري دجلة والفرات اللّذين كانا يجريان في أرض العراق وأصبح مجرى نهر دجلة قريبا من المسجد المذكور.