الطّاغوت وسيّده المستعمر ويكافحون لطرد أقسى استعمار كافر على وجه الأرض لإعادة الأحكام الإسلامية إلى البلد الإسلامي وجرى عليهم كذا وكذا ...
قلت هذا بعد أن أفضت في الحديث عن مآسي التفرقة بين المسلمين ، وضربت الأمثال لذلك وأتممت الحديث ، وجاء دور مضيفي الشيخ بن باز للحديث ـ وكان قد أنبئ بأنّي من أتباع مدرسة أهل البيت ، وكان ضريرا لا يبصر ـ فإذا به يتنحنح ثمّ يقول بالحرف الواحد :
أنتم مشركون! أسلموا ، ثمّ اطلبوا من المسلمين أن يتّحدوا معكم.
فثار الدّم في عروقي واشتركت معه في نقاش طويل وذكره خارج عن الصدد (٢).
* * *
استمعت في سفراتي إلى الحجّ إلى خطباء الجمعة والجماعة في مكّة والمدينة ، واشتركت في النّقاش أحيانا مع الخطباء بين صلاتي المغرب والعشاء بمسجد الخيف ، وحضرت ندوات رابطة العالم الإسلامي بمكّة مستمعا واجتمعت في أسفاري بعلماء مصر وخاصّة الأزهر الشريف وسائر بلاد المسلمين في لبنان وبلاد الخليج والهند وباكستان وكشمير وغيرها وطارحتهم الحديث. وسمعت أحيانا ما لا يصلح نقله اليوم وأدركت من خلال مطارحاتي مع مفكّري المسلمين وعلمائهم وقادتهم ـ ولا ينبّئك مثل خبير ـ أنّه لن يتحقّق أيّ تقارب أو تفاهم بين المسلمين دون تدارس مسائل الخلاف والبحث عن منشئها ثمّ المبادرة إلى علاجها. وإذا كان لا بدّلنا من معرفة منشأ
__________________
(٢) إنما أشرت إلى أحاديثي في هذه السفرة ليعلم مدى إخلاصي للشعار الّذي كنت أرفعه والأطروحة الّتي كنت أطرحها ، وأحيانا كان الألم يعصر قلبي حين التحدّث والدمع ينحدر من عيني ، وإذا بي أجابه تلك المجابهة الفظّة من ذلك الشيخ.