سلام على أهل طاعة الله. أمّا بعد فقد أتاني كتابك ، تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه وما أصفى به نبيّه ، مع كلام ألّفته ووضعته ، لرأيك فيه تضعيف ، ولأبيك فيه تعنيف. ذكرت حقّ ابن أبي طالب ، وقديم سوابقه وقرابته من نبيّ الله (ص) ، ونصرته له ومواساته إيّاه في كل خوف وهول ، واحتجاجك عليّ بفضل غيرك لا بفضلك. فأحمد إلها صرف الفضل عنك وجعله لغيرك. وقد كنّا وأبوك معنا في حياة من نبيّنا (ص) ، نرى حقّ ابن أبي طالب لازما لنا ، وفضله مبرّزا علينا فلمّا اختار الله لنبيّه (ص) ما عنده ، وأتمّ له ما وعده ، وأظهر دعوته وأفلج حجّته ، قبضه الله إليه ، فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه وخالفه. على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ دعواه إلى أنفسهم فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ، فبايع وسلم لهما ، لا يشركانه في أمرهما ، ولا يطلعانه على سرّهما ، حتّى قبضا وانقضى أمرهما. ثمّ قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفّان ، يهتدي بهديهما ـ إلى آخر الكتاب.
أوردنا جواب معاوية لما فيه من الاعتراف بما ذكره محمّد بن أبي بكر.
وأورد تمام الكتابين نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفّين والمسعودي في مروج الذّهب. وأشار إليهما الطبريّ وابن الأثير في ذكرهما حوادث سنة ستّ وثلاثين هجرية.
روى الطبري بسنده عن يزيد بن ظبيان :
أنّ محمد بن أبي بكر كتب إلى معاوية بن أبي سفيان لمّا ولي. فذكر مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه ممّا لا يحتمل سماعه العامة ....
إذا فإنّ الطبري لم يورد في موسوعته التاريخية الكبرى ما دار بين محمّد بن أبي بكر ومعاوية من مكاتبات لأنّه لم ير من الحكمة أن يطلع عليها عامّة الناس وليس من باب عدم اعتماده على صحّة الخبر. وتبعه العلّامة ابن الأثير ولم يورد تلك المكاتبات في موسوعته التاريخية (الكامل) وذكر نفس