كيف بكم إذا ظهر تعاديهما وبدا تباغضهما ووقع بأسهما بينهما حتّى تسفك الدماء ويودّ كثير من الأحياء أنّهم كانوا موتى؟
فقلت : يا أمير المؤمنين ، هذا شيء قضى به المنجّمون عن مولدهم ، أو شيء أثرته العلماء في أمرهما؟
قال : بل شيء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما.
قالوا : فكان المأمون يقول في خلافته : قد كان الرشيد سمع جميع ما جرى بيننا من موسى بن جعفر بن محمّد (٢٨) ، فلذلك قال ما قال.
* * *
قال المؤلف :
قصد الرشيد من الأوصياء الأئمة من أهل البيت : موسى وأباه جعفر الصادق وجدّه محمّد الباقر وجدّ أبيه علي بن الحسين ثمّ الحسن والحسين وأباهما عليّ بن أبي طالب (ع). وقصد من الأنبياء خاتم الأنبياء (ص).
ومن أجل ذلك فعل الخليفة هارون الرشيد ما لم يفعله خليفة من قبله ولا بعده وذلك كما رواه المؤرّخون وقالوا :
(ولمّا صار إلى مكّة صعد المنبر ، فخطب ، ثمّ نزل ، فدخل البيت ، ودعا بمحمّد والمأمون ، فأملى على محمّد كتاب الشرط على نفسه ، وكتب محمّد الكتاب ، وأحلفه على ما فيه ، وأخذ عليه العهود والمواثيق ، وفعل بالمأمون مثله ، وأخذ عليه مثل ذلك ، وكان نسخة الكتاب الّذي كتبه محمّد بخطّه :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لعبد الله هارون أمير المؤمنين ، كتبه محمد بن هارون في
__________________
(٢٨) الأخبار الطّوال ، ط. القاهرة الأولى سنة ١٩٦٠ ، ص ٣٨٩ لأبي حنيفة الدينوري (ت : ٢٨٢ ه). ومروج الذّهب للمسعودي ٣ / ٣٥١.