فلما انتهى كتاب ابن عباس إلى معاوية وقرأه ، قال : هذا فعلي بنفسي. والله لأجهدن أن لا أكاتبه سنة. ثمّ أنشأ يقول :
دعوت ابن عباس إلى أخذ خطّة |
|
وكان امرأ أهدي إليه رسائلي |
فأخلف ظنّي والحوادث جمّة |
|
ولم يك في ما نابني بمواصلي |
ولم يك في ما جاء ما يستحقّه |
|
وما زاد أن أغلى عليه مراجلي |
فقل لابن عباس أراك مخوّفا |
|
بجهلك حلمي إنّني غير غافل |
فأبرق وارعد ما استطعت فإنّني |
|
إليك بما يشجيك سبط الأنامل |
وصفّين داري ما حييت وليس ما |
|
تربص من ذاك الوعيد بقاتلي |
فأجابه الفضل بن العباس وهو يقول :
ألا يا ابن هند إنّني غير غافل |
|
وإنّك ممّا تبتغي غير نائل |
أالآن لما أخبت الحرب نارها |
|
عليك وألقت بركها بالكلاكل |
وأصبح أهل الشام صرعى فكلّهم |
|
كفقعة قاع أو كشحمة آكل |
وأيقنت أنا أهل حقّ وإنما |
|
دعوت لأمر كان أبطل باطل |
دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة |
|
وليس لها حتّى يموت بقائل |
فلا سلم حتّى يشجر الخيل بالقنا |
|
وتضرب هامات الرجال الأوائل |
وآليت لا تهدي إليه رسالة |
|
إلى أن يحول الحول من رأس قابل |
أردت بها قطع الجواب وإنما |
|
رماك فلم يخطئ بثار المقاتل |
وقلت له لو بايعوك تبعتهم |
|
فهذا عليّ خير حاف وناعل |
وصيّ رسول الله من دون أهله |
|
وفارسه إذ قيل هل من منازل |
فدونكه إذ كنت تبغي مهاجرا |
|
أشمّ بنصل السيف ليس بناكل(٤٨) |
__________________
(٤٨) كتاب الفتوح لابن أعثم ٣ / ٢٥٤ ـ ٢٥٨. وصفّين ص ٤١٦. وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ط. الأولى ، ١ / ٢٨٤.