كانت أمّ المؤمنين عائشة بحاجة إلى استنفار النّاس لحرب الإمام عليّ والّتي سمّيت في التاريخ باسم حرب الجمل ، ومن ثمّ نرى أنّ هذه المذاكرة لم تجر عفوا ، وإنّما كانت شبيهة بالاحتجاج عليها في ما اشتهر للإمام بأنّه وصيّ النبيّ ، وكان هذا الموقف منها متناسبا مع هذا الواقع التاريخي ، وكذلك متناسبا مع مواقفها الأخرى من الإمام عليّ ؛ فقد روى ابن سعد عن عائشة ، في خبر مرض رسول الله (ص) أنّها قالت :
فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه في الأرض بين ابن عبّاس ـ تعني الفضل ـ وبين رجل آخر ؛ قال عبيد الله : فأخبرت ابن عباس بما قالت ، قال : فهل تدري من الرجل الآخر الّذي لم تسمّ عائشة؟ قال : قلت : لا! قال ابن عباس : هو عليّ! إنّ عائشة لا تطيب له نفسا بخير (٢).
وفي حديث آخر ورد في مسند أحمد ٦ / ١١٣ :
جاء رجل فوقع في عليّ وفي عمّار عند عائشة فقالت :
أمّا عليّ ، فلست قائلة لك فيه شيئا ؛ وأمّا عمّار فإنّي سمعت رسول الله (ص) يقول فيه : «لا يخيّر بين أمرين إلّا اختار أرشدهما».
هكذا كانت أمّ المؤمنين تدفع عن عمّار الوقيعة وتسكت عمّن ينال من الامام عليّ(ع).
وفي حديث ثالث :
وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما واللّفظ لمسلم :
__________________
ـ المغازي باب مرض النبي ، ٣ / ٦٥ ، وكتاب الوصية ، باب الوصايا. وفتح الباري ٦ / ٢٩١. ومسند أحمد ٦ / ٣٢.
(٢) طبقات ابن سعد ، ط. بيروت ٢ / ٢٣٢.
وقد أورد البخاري الحديث نفسه في صحيحه باب مرض النبي ووفاته ٣ / ٦٣ ، وهذا لفظه : (فقال ابن عبّاس : هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمّ عائشة؟ قال قلت : لا ، قال ابن عبّاس : هو علي بن أبي طالب).
حذف البخاري من الحديث قول ابن عباس : (ان عائشة لا تطيب له نفسا بخير).