إلى أحاديث أخرى لهذه المدرسة عن سيرة رسول الله (ص).
إنّ تلكم الأحاديث كما ذكرنا في البحوث التمهيديّة كوّنت رؤية خاصّة عن رسول الله (ص) لمن يعتقد بها ، تحطّ من مقام أفضل الرسل عن مستوى الإنسان العادي ، ولهذا حقّ للرجل (ذي المعرفة) السعودي أن يقول : محمد رجّالا مثلي مات.
أمّا في حديث الإمام عليّ عن بدء نزول الوحي وهو الشاهد الوحيد الّذي كان عندئذ مع الرّسول (ص) في غار حراء : أنّه سمع رنّة حينئذ وأنّ الرّسول (ص) أخبره أنّ الرنّة من الشّيطان لأنّه أيس من عبادته.
وفي حديثه أيضا : انّ الله قرن برسول الله (ص) منذ أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره.
وفي حديثه عن وفاة رسول الله (ص) أنّه أدناه إليه وأخذ يناجيه ويسرّ إليه ويوصي حتّى قبض (ص) (١٧) وسالت نفسه في كفّه فأمرّها على وجهه وأنّه أخذ في تغسيله وتكفينه والملائكة أعوانه في ذلك ، وقد ضجّت الدار والأفنية ملأ يهبط وملأ يعرج ، وأنّه ما فارقت سمعه هينمة منهم يصلّون عليه حتّى واراه في ضريحه.
إنّ أمثال هذه الأحاديث عن سيرة الرسول بمدرسة أهل البيت ـ أيضا ـ كوّنت رؤية خاصة لمن يعتقد بها ، ولن يتيسّر تقارب بين المسلمين ما لم تدرس المجموعتان من الأحاديث معا دراسة مقارنة لنصل إلى الحقيقة المنشودة ثمّ يتفاهم الإخوة المسلمون في ضوء تلك الدراسات إن شاء الله تعالى.
ونؤكّد مرّة أخرى أنّ في مقدمة ما ينبغي دراسته دراسة مقارنة ؛ أخبار سيرة الرسول الأكرم (ص) وتاريخ عصر الرسول (ص) وعصر من تشرّف بصحبته.
__________________
(١٧) وقد أيّد حديثه ، حديث أم سلمة وغيرها في ذلك.