معاوية ، ما الخيار أردتما لأمة محمّد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية ، كلّما مات هرقل قام هرقل.
فقال مروان : هذا الّذي أنزل الله فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) الأحقاف / ١٧.
فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب ، فقامت من وراء الحجاب ، وقالت : يا مروان! يا مروان! فأنصت الناس ، وأقبل مروان بوجهه ، فقالت :
أنت القائل لعبد الرحمن أنه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله ما هو به ، ولكنّه فلان بن فلان ، ولكنّك فضض من لعنة الله.
وفي رواية ، فقالت : كذب والله ما هو به ، ولكنّ رسول الله (ص) لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان فضض من لعنة الله عزوجل (٢٢).
وأخرج البخاري الحديث في صحيحه وقال :
(كان مروان على الحجاز ، استعمله معاوية ، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إنّ هذا الّذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي). فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلّا أنّ الله أنزل عذري) (٢٣).
هكذا حذف البخاري قول عبد الرحمن : (تريدون أن تجعلوها هرقلية ...) وأبدله بقوله : (قال شيئا) وحذف رواية أمّ المؤمنين عائشة في حقّ مروان. بينا أوردها ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري المسمّى بفتح
__________________
(٢٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ١٩٩ في ذكره حوادث سنة ٥٦ ه.
والفضض : القطعة من الشيء.
(٢٣) صحيح البخاري ٣ / ١٢٦ ، باب (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) من تفسير سورة الأحقاف.