وذكر ابن عبد البرّ بعده وقال :
(إنّ عبد الرحمن مات فجأة بموضع يقال له : (الحبشي) (٢٦) على نحو عشرة أميال من مكّة فدفن بها. ويقال : إنّه توفّي في نومة نامها ، ولمّا اتّصل خبر موته بأخته عائشة أمّ المؤمنين (رض) ظعنت من المدينة حاجّة حتّى وقفت على قبره ، وكانت شقيقته ، فبكت عليه وتمثّلت :
وكنّا كندماني جذيمة حقبة |
|
من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا |
فلمّا تفرقنا كأني ومالكا |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا(٢٧) |
أما والله لو حضرتك لدفنتك حيث متّ مكانك ، ولو حضرتك ما بكيتك).
وفي مستدرك الحاكم :
(رقد في مقيل قاله ، فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات ، فدخل في نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شرّ وعجل عليه فدفن وهو حيّ) (٢٨).
* * *
لو بقي عبد الرّحمن حيّا لما تمّت بيعة يزيد مع موقفه الصّارم ضد بيعته ومعه أمّ المؤمنين عائشة ، فمات في طريق مكّة ، كما مات مالك الأشتر في طريق مصر مسموما بسمّ دسّه إليه معاوية (٢٩).
__________________
والإصابة ٢ / ٤٠٠. وشذرات الذهب في ذكر حوادث سنة ٥٣ ه ، وقريب منه ما في مستدرك الحاكم ٣ / ٤٧٦.
(٢٦) في معجم البلدان :
الحبشي : جبل بأسفل مكة ، بينه وبين مكة ستة أميال ، مات عنده عبد الرحمن بن أبي بكر فجأة ، فحمل على رقاب الرجال إلى مكّة ، فقدمت عائشة من المدينة وأتت قبره وتمثلت : وكنا كندماني جذيمة .... البيتين.
(٢٧) راجع ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر من الاستيعاب بهامش الإصابة ٢ / ٣٩٣.
(٢٨) مستدرك الحاكم ٣ / ٤٧٦ ، وكذلك في تلخيص المستدرك للذهبي وقد ورد فيه : (الحبشي).
(٢٩) راجع فصل : مع معاوية ، من كتابنا (أحاديث أمّ المؤمنين عائشة)