الّذي يلي الأمر من بعده هو ذو رحم سعيد ، وقد ولي بعد الخليفة عمر ذو رحم سعيد (عثمان بن عفان الأمويّ) ، ولعلّنا نجد السبب ـ أيضا ـ في ص ١٧٢ منه أنّ أبا بكر دعا عثمان خاليا فقال : (اكتب ... هذا ما عهد أبو بكر إلى المسلمين ، أمّا بعد) فاغمي عليه فذهب عنه ، (فكتب عثمان : أمّا بعد! فإنّي استخلفت عليكم عمر بن الخطاب) ولمّا أفاق أمضى ما كتبه عثمان من توليته عمر لأنّه كان قد وافق قصده.
وعن أمر من يلي بعد عثمان روى اليعقوبي وقال :
إن عثمان اعتلّ علّة اشتدّت به ، فدعا حمران بن أبان ، وكتب عهدا لمن بعده ، وترك موضع الاسم ، ثمّ كتب بيده : عبد الرحمن بن عوف ، وربطه وبعث به إلى أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، فقرأه حمران في الطريق فأتى عبد الرحمن فأخبره ، فقال عبد الرحمن ، وغضب غضبا شديدا : أستعمله علانية ، ويستعملني سرّا! ونمى الخبر وانتشر بذلك في المدينة. وغضب بنو أميّة ، فدعا عثمان بحمران مولاه ، فضربه مائة سوط ، وسيّره إلى البصرة. فكان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف.
ووجه إليه عبد الرحمن بن عوف بابنه ، فقال له قل له : والله لقد بايعتك ، وإن فيّ ثلاث خصال أفضلك بهن ... الخبر (٥).
ويظهر أنّه كان قد بتّ في أن يلي الحكم بعد عثمان عبد الرحمن بن عوف غير أنّ عبد الرحمن توفي قبل عثمان سنة ٣١ أو ٣٢ ه بعد أن اشتد الخصام بينهما (٦) ، وكذلك وقع الخلاف بين بني أميّة «الأسرة الحاكمة من قريش»
__________________
(٥) تاريخ اليعقوبي ، ٢ / ١٦٩.
(٦) راجع الاوائل لأبي هلال العسكري ط. بيروت ١٤٠٧ ، ص ١٢٩ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ١ / ١٦٩.