وأكفئوا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقّا كنت أولى به من غيري ، وقالوا ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه وفي الحقّ أن تمنعه ، فاصبر مغموما أو مت متأسّفا. فنظرت فإذا ليس لي رافد ، ولا ذاب ، ولا مساعد إلّا أهل بيتي فضننت بهم عن المنيّة فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشّجى ، وصبرت من كظم الغيظ على أمرّ من العلقم ، وآلم للقلب من حزّ الشّفار» (١٠).
وأخيرا استشهد الإمام (ع) بيد أحد الخوارج في محراب مسجد الكوفة وبعد استشهاد الإمام علي (ع) استولى معاوية على الحكم في سنة أربعين للهجرة وسمّوا هذا العام بعام الجماعة وهو في الحقيقة عام الجماعة لقريش ، واستمرّ حكم معاوية عشرين عاما ، وتوفي في سنة ستين للهجرة.
* * *
كان ذلكم بعض آثار كراهية قريش لحكم الإمام علي (ع) ، ومن آثار تلك الكراهية منعهم نشر حديث الرسول (ص) كما سنذكرها في ما يأتي بإذنه تعالى.
منع كتابة حديث الرسول (ص)
روى عبد الله بن عمرو بن العاص وقال :
__________________
(١٠) نهج البلاغة ، شرح محمد عبده ، الخطبة : ٢١٢.
وقد ورد القسم الأوّل منها في كتاب الغارات للثقفي ، ص ٣٩٢.
وأستعديك : أستعينك. وأكفأ الإناء أي قلبه ، كناية عن تضييعهم حقّه.
والرافد : المعين ، والذاب : المدافع ، و «ضننت» اي : بخلت ، والقذى : ما يقع في العين ، والشجى: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه ، يريد غصة الحزن.
والشفار : جمع شفرة ، وهي حدّ السيف وغيره.