«كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (ص) فنهتني قريش وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله (ص) ورسول الله (ص) بشر يتكلم في الغضب والرضا! فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : اكتب! فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حقّ» (١١).
صرّحت قريش بسبب نهيها عن كتابة حديث الرسول (ص) وهو أن يكون حديثه في حال غضبه على أحد أو حال رضاه من أحد.
ففي الأولى يبقى حديث الرسول (ص) منقصة له ، ونحن نعلم كم تحدّث الرسول (ص) عن عتاة قريش وشرح الآيات التي نزلت تقريعا لهم!
وفي الثانية يبقى حديث الرسول (ص) نصّا في حقّ أحد لا يرضون أن ينشر نصّ له.
ولهذا السبب نفسه منعوا كتابة وصية الرسول (ص) في مرض وفاته عند ما قال :
«هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده».
فقال عمر : إنّ النبي غلبه الوجع ، وعندكم كتاب الله ، فحسبنا كتاب الله.
وقالوا : «ما شأنه! أهجر؟» (١٢).
كان هذا المنع وذلك النهي بسبب خشية أن ينشر نصّ عن الرسول (ص) في حقّ من يكرهون ولايته فتجتمع الخلافة والنبوة في بيتهم!
وبسبب تلكم الكراهية ـ أيضا ـ منع الخليفة عمر في عهد خلافته من
__________________
(١١) راجع مصادره في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٤١.
(١٢) راجع ص ٤١ من المجلد الثاني من هذا الكتاب المتن والهامش.