روى الطبري (١٤) وقال : استعمل معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين ، فلما أمّره عليها دعاه ، وقال له : قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا على بصرك ، ولست تاركا إيصاءك بخصلة ، لا تترك شتم عليّ وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب لأصحاب عليّ ، والإقصاء لهم ، والإطراء لشيعة عثمان ، والإدناء لهم. فقال له المغيرة : قد جرّبت وجرّبت وعملت قبلك لغيرك ، فلم يذممني ، وستبلو فتحمد أو تذمّ ، فقال : بل نحمد إن شاء الله.
وروى ابن أبي الحديد عن المدائني في كتاب الأحداث وقال :
كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب ، وأهل بيته ، .... وكان أشدّ البلاء حينئذ أهل الكوفة (١٥).
وقال : كتب معاوية (١٦) إلى عمّاله في جميع الآفاق : ألّا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة ، وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه ، وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم ، وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بكل ما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه ، واسم أبيه ، وعشيرته ، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفضيه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ،
__________________
(١٤) في حوادث سنة إحدى وخمسين من الطبري ٦ ، ١٠٨ وابن الأثير ٣ ، ٢٠٢
(١٥) شرح الخطبة (٥٧) من نهج البلاغة لابن أبي الحديد ط. مصر الأولى ، ٣ / ١٥ ـ ١٦. ومنه ننقل كلما ننقل من شرح ابن أبي الحديد.
(١٦) قد نقل كتاب معاوية هذا أيضا أحمد أمين في فجر الإسلام ٢٧٥.