غير أنّ الناس كانوا قد تربوا تسعين عاما مدة الخلافة الأموية (٩٣) كما خطط معاوية تربيتهم على التّبري من الإمام علي (ع) ولعنه وتنقيصه ، وبقي أثر تلكم التربية إلى عهد العباسيين ، فقد كان على عهدهم من العلماء والمحدثين حريز بن عثمان (ت : ١٦٢ ه) الذي كان يلعن الإمام بالغداة سبعين مرّة وبالعشي سبعين مرّة ووضع الأحاديث في ذم الإمام ورواها في بغداد وغيرها من عواصم البلاد الإسلامية.
وكان في عامة بلادهم أناس مثل أهالي واسط الذين اتفق لعالمهم ومحدث بلدهم عبد الله بن محمد بن عثمان (ت : ٣٧١ ه) أن أملى حديث الطير ، فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته.
اتفق لمحدث البلد مرّة واحدة أن يحدّث بحديث واحد فيه فضيلة للإمام علي (ع) فأقامه أهل البلد وغسلوا الموضع الذي جلس فيه وحدّث ذلك الحديث.
* * *
لم يقتصر الأمر على ما ذكرنا ومن ذكرنا ، ولا على تلك العصور ، بل امتد الأمر إلى غيرهم وإلى عصرنا الحاضر وإنما اقتصرنا في ما سبق على ذكر أمثلة من عمل الحكام طوال القرون في إخفاء ذكر أهل بيت الرسول (ص) ونشر الكراهية لهم والانتقاص من قدرهم كي لا يتجه المسلمون إليهم ، ويدبروا عنهم. فينتقض حكمهم ـ حكم الخلافة القرشية ـ ويشاد على انقاضه حكم لآل الرسول (ص) ، وأنتجت سياسة الخلافة القرشية قادة وأتباعا مع أهل البيت ، أموية وعباسية ، وغير أموية وغير عباسية إجراء عشرة أنواع من
__________________
(٩٣) راجع مروج الذهب للمسعودي ، ٣ / ٢٣٥.