في جوابه بها ، وفي الكتابين ذكر ما لا يزين الخلفاء نشره ، فحذفهما الطبري (ت : ٣١٠ ه) مع ذكره لسنده إلى الكتابين ، واعتذر عن ذلك بعدم احتمال العامّة لسماع ما فيهما ، أي أنه أخفى الحقائق عن النّاس.
وجاء بعده ابن الاثير (ت : ٦٣٠ ه) وفعل كذلك واعتذر بالعذر نفسه.
وجاء بعدهما ابن كثير وأشار إلى كتاب محمد بن أبي بكر في موسوعته التاريخيّة الكبرى (٢) واقتصر بقوله : (وفيه غلظة).
* * *
قصد الطبري وابن الأثير من قولهما : (عدم احتمال العامّة لسماع ما فيهما) : أنّ العامّة لا تبقى على عقيدتها بالخلفاء بعد سماع الكتابين.
وهذا الصنف من الكتمان ، أي : حذف تمام الخبر مع الإشارة إلى الخبر المحذوف ، نادر عند علماء مدرسة الخلفاء.
ج ـ تأويل معنى الحديث من سنة الرسول (ص)
من أنواع الكتمان بمدرسة الخلفاء تأويل معنى الرواية كما فعل الذهبي (٣) بترجمة النسائي صاحب السنن ؛ فإنّه قال : سئل النسائي أن يخرج فضائل معاوية ، قال : أي شيء أخرج؟! حديث : اللهمّ لا تشبع بطنه؟
فقال الذهبي :
(قلت : لعلّ هذه منقبة لمعاوية لقول النبيّ (ص) : اللهمّ من لعنته أو شتمته ، فاجعل ذلك له زكاة ورحمة).
__________________
(٢) البداية والنهاية ٧ / ٣١٤. وقد أوردنا الكتابين مع تعليقنا عليهما ، وعلى ما فعله الطبري في ما سبق.
(٣) تذكرة الحفاظ ص ٦٩٨ ـ ٧٠١