في اليوم سبع مرّات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها ، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم ، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ، ويقول : والله ما أشبع وإنّما أعيا ، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كلّ الملوك. وأمّا في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الّذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصّحابة ، أنّ رسول الله (ص) قال :
اللهمّ إنما أنا بشر فأيّما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه ، وليس لذلك أهلا ، فاجعل ذلك كفّارة وقربة تقرّبه بها عندك يوم القيامة. فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية ، ولم يورد له غير ذلك) (٧). انتهى كلام ابن كثير. وأراد بما قال أنّ دعاء الرسول على معاوية دعاء له في الدنيا والآخرة ؛ أمّا في الدنيا فبما ذكره من مزيّة كثرة الأكل للملوك ، وأمّا الآخرة فاعتمد الأحاديث الّتي نسبت إلى رسول الله (ص) أنّه كان يلعن المؤمنين ـ معاذ الله ـ ودعا أن يكون لهم زكاة وطهورا ، وأنّ مسلما حين أورد هذا الحديث في آخر هذا الباب أثبت لمعاوية رضوانا وتقرّبا إلى الله يوم القيامة.
وهكذا يؤوّلون الأحاديث والأخبار الّتي فيها ذمّ لذوي السلطة من الخلفاء والولاة إلى ما فيه مدحهم والثناء عليهم.
ولنا هنا نظرة تأمّل في ما رووا أنّ النبيّ لعن المؤمنين ـ معاذ الله ـ.
نظرة تأمّل في ما رووا في باب من لعنه النبيّ (ص)
رووا واللّفظ هنا لمسلم في صحيحه ، باب من لعنه النبيّ : أنّ رسول الله (ص) قال:
«اللهمّ إنّي أتّخذ عندك عهدا لن تخلفنيه فإنّما أنا بشر فأيّ المؤمنين آذيته ، شتمته ، لعنته ، جلدته ، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك
__________________
(٧) البداية والنهاية ، ٨ / ١١٩.