فيهما فضائل الإمام علي وخاصة أنّه وصيّ النبيّ ، وتنبّه لها ابن عبد البرّ (ت : ٤٦٣ ه) فحذف البيتين.
وجاء بعده ابن الأثير (ت : ٦٣٨ ه) وتنبّه إلى أنّ ذكر ما وقع من الخلاف في الخلافة ـ أيضا ـ لا يصلح ، فحذف من القصيدة ما فيه ذكر الاختلاف في أمر الخلافة وقال : (ويذكر الخلافة). هذا إضافة إلى حذفه ما فيه وصف الإمام عليّ.
وجاء بعدهما ابن حجر (ت : ٨٥٢ ه) فحذفها كذلك ولم يقل إنّ في القصيدة ذكرا للخلافة.
وهكذا كلّما تأخر الزمن زاد العلماء من حذف الحقائق ما لا يصلح ذكره لمدرسة الخلفاء.
* * *
إذا راجعنا ما سبق إيراده في بحث الوصيّة وما يأتي في بحث أصناف الكتمان ، وما كتموه من خبر الوصية ، يتّضح جليّا ، أنّ انتشار تعيين الرسول عليّا وصيّا له كان يسوء مدرسة الخلفاء ، فحذفوا من القصيدة والخبر هذا القسم دون أن يشيروا إلى أنّهم حذفوا منهما شيئا ، وهذا النوع من الكتمان من أكثر أصناف الكتمان بمدرسة الخلفاء سواء في حديث الرسول (ص) أو سيرته أو سيرة صحابته ، ويطول بنا المقام لو أردنا أن نأتي بأمثلة منها في غير شأن الوصيّة من سنّة الرسول (ص) في هذا المقام.
ه ـ حذف تمام الرواية من سنّة الرسول (ص) مع عدم الإشارة إليه
إنّ ابن هشام (١٢) أخذ من سيرة ابن إسحاق برواية البكائي ما أورد في
__________________
(١٢) ابن هشام : أبو محمد عبد الملك بن هشام الحميري.
قال ابن خلكان : (جمع سيرة رسول الله (ص) من المغازي والسير لابن إسحاق ـ