ويلحق بهذا الصنف من الكتمان الخبران الآتيان :
أولا ـ خبر الأنصار مع معاوية وعمرو بن العاص ، كما رواه صاحب الأغاني وقال ما موجزه :
حضرت وفود الأنصار باب معاوية بن أبي سفيان ، فخرج إليهم حاجبه سعد أبو درّة ، فقالوا له : استأذن للأنصار. فدخل إليه وعنده عمرو بن العاص ، وقال : الأنصار بالباب. فقال عمرو : ما هذا اللّقب الّذي قد جعلوه نسبا يا أمير المؤمنين؟ أردد القوم إلى أنسابهم ، فقال [له معاوية : إنّي أخاف من ذلك الشّنعة ، فقال] : هي كلمة تقولها إن مضت عرّتهم ونقصتهم وإلّا فهذا الاسم راجع إليهم. فقال له : اخرج فقل : من كان هاهنا من ولد عمرو بن عامر فليدخل ، فقالها الحاجب ، فدخل ولد عمرو بن عامر كلّهم إلّا الأنصار ، فنظر معاوية إلى عمرو نظر منكر ، فقال له : باعدت جدّا ، فقال : اخرج فقل: من كان هاهنا من الأوس والخزرج فليدخل. فخرج فقالها [فلم يدخل أحد ، فقال معاوية : أخرج فقل : من كان هاهنا من الأنصار فليدخل ، فخرج فقالها] فدخلوا يقدمهم النعمان بن بشير ، وهو يقول :
يا سعد لا تعد الدّعاء فما لنا |
|
نسب نجيب به سوى الأنصار |
نسب تخيره الإله لقومنا |
|
أثقل به نسبا على الكفّار |
إنّ الذين ثووا ببدر منكم |
|
يوم القليب هم وقود النار |
وقام مغضبا فانصرف. فبعث معاوية فردّه وترضّاه ، وقضى حوائجه وحوائج من كان معه من الأنصار.
فقال معاوية لعمرو : كنّا أغنياء عن هذا (١٩).
__________________
(١٩) الأغاني ، ط. ساسي ١٤ / ١٢٠ و ١٢٢ ، وط. بيروت ١٦ / ١٣ و ١٧.