وتفضيله له على غيره ، ومن هاهنا والله أعلم كذّبه الشعبيّ لأنّ الشعبيّ يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنّه أوّل من أسلم) (٢٢). انتهى قول ابن عبد البرّ.
٣ ـ الطعن في أئمة الحديث
في مدرسة الخلفاء يطعنون أحيانا في أئمة الحديث الّذين يروون حديثا يخالف اتّجاهها ، مثل ما جرى للحاكم الشافعي كما رواه الذهبي بترجمته (٢٣) وفي ما يلي ما أورده بإيجاز :
الحافظ الكبير إمام المحدّثين ، أبو عبد الله ، محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حمدويه النيسابوري المعروف بابن البيع. ولد سنة ٣١٢ ه ، وتوفّي سنة ٤٠٥ ه. طلب الحديث من الصّغر ورحل إلى العراق وحجّ وجال في خراسان وما وراء النهر وسمع من ألفي شيخ أو نحو ذلك ، بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء ومن تآليفه فضائل الشافعي ، ونقل أنّ مشايخ الحديث كانوا يذكرون أيّامه وأنّ الأئمة من مقدّمي عصره كانوا يقدّمونه على أنفسهم ويراعون حقّ فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة.
قال الذهبي : وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال : (لا يصحّ ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي (رض) بعد النبيّ (ص)).
وقال : ثمّ تغيّر رأي الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه.
ونقل الذهبي عن العلماء أنّهم قالوا عن مستدركه : إنّه جمع فيه أحاديث وزعم أنّها على شرط البخاري ومسلم ، منها حديث الطير ، ومن كنت مولاه فعليّ مولاه ، فأنكرها عليه أصحاب الحديث فلم يلتفتوا إلى قوله.
__________________
(٢٢) جامع بيان العلم ، باب حكم العلماء بعضهم في بعض ٢ / ١٨٩.
(٢٣) تذكرة الحفاظ ص ١٠٣٩ ـ ١٠٤٥.