الكتب الّتي حوت من سنّة الرسول (ص) ما يخالف سياسة هذه المدرسة.
ح ـ إحراق الكتب والمكتبات
من أصناف الكتمان بمدرسة الخلفاء ، إحراق الكتب الّتي فيها سنّة الرسول (ص) سيرة وحديثا ممّا لا ترغب في نشره. وقد بدأ ذلك الخليفة عمر بن الخطاب كما سيأتي ذكره في باب بحوث مدرسة الخلفاء من مصادر الشريعة الإسلامية.
عن طبقات ابن سعد ، قال : إنّ الأحاديث كثرت على عهد عمر ، فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلمّا أتوه بها ، أمر بتحريقها.
وروى الزبير بن بكار (٢٧) : أنّ سليمان بن عبد الملك في زمان ولايته للعهد مرّ بالمدينة حاجّا ، وأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبيّ (ص) ومغازيه ، فقال أبان : هي عندي أخذتها مصحّحة ممّن أثق به ، فأمر عشرة من الكتاب بنسخها ، فكتبوها في رقّ ، فلمّا صارت إليه ، نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين ـ يقصد بيعة الأنصار في العقبتين الأولى والثانية ـ وذكر الأنصار في بدر ، فقال سليمان : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل فإمّا أن يكون أهل بيتي ـ أي الخلفاء الأمويين ـ غمصوا عليهم ، وإمّا أن يكونوا ليس هكذا ، فقال أبان بن عثمان : أيّها الأمير! لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم ـ يقصد الخليفة عثمان ـ من خذلانه ، أن نقول الحقّ. هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا. قال سليمان : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتّى أذكره لأمير المؤمنين ـ يقصد والده عبد الملك ـ لعلّه يخالفه ، فأمر بذلك الكتاب فحرّق ، ولمّا رجع أخبر أباه بما كان ، فقال عبد الملك : وما حاجتك أن تقدم
__________________
(٢٧) الموفقيات ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣.