والحروب ثمّ الاتّفاق والجماعة ، أوردتها ملخّصة عيونها ومجامعها من كتب محمد بن جرير الطبري وهو تاريخه الكبير فإنّه أوثق ما رأيناه في ذلك وأبعد عن المطاعن والشبه في كبار الأمّة من خيار الأمّة وعدولهم من الصحابة والتابعين (٣٨).
نظرة تأمل في سبب اختيار كبار العلماء الأفذاذ
روايات سيف في أخبار صدر الاسلام
قال الطبري في خبر أبي ذرّ الصحابيّ الفقير ـ مثلا ـ مع معاوية الأمير :
(كرهت ذكر أكثرها ، فأمّا العاذرون معاوية في ذلك فإنّهم ذكروا في ذلك قصّة ... عن سيف).
وقال ابن الاثير :
(... من سبّ معاوية إيّاه وتهديده بالقتل وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء ونفيه من المدينة على الوجه الشنيع لا يصلح النقل به). ثمّ أورد قصّة سيف ووصفهم كذلك بالعاذرين.
إنّ العالمين الكبيرين لم يتركا روايات غير سيف لعدم اعتمادهما عليها ، بل لأنّهما لم يجدا فيها العذر للسّلطة الحاكمة ، ووجدا العذر عند العاذرين معاوية الأمير وعثمان الخليفة ، وهم سيف الزنديق وسلسلة رواته المختلقين ، فحشّى الطبري تاريخه الكبير بروايات سيف ، وللسبب نفسه أخذ ابن الأثير روايات سيف من تاريخ الطبري ، وكذلك فعل ابن كثير حيث قال في آخر ذكره خبر واقعة الجمل من أخبار سنة ستّ وثلاثين هجريّة عمّا نقله من أخبار سيف في حوادث ما بعد وفاة رسول الله (ص) إلى واقعة الجمل :
__________________
(٣٨) تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٥٧.