(هذا ملخّص ما ذكره ابن جرير الطبري ـ رحمهالله ـ عن أئمة هذا الشأن) وقصد من أئمة هذا الشأن الّذين ذكر ابن جرير الطبري الأخبار عنهم سيف الزنديق ورواته المختلقين.
وقد أفصح العلامة ابن خلدون أكثر منهم في سبب اختيارهم روايات سيف المنتشرة في تاريخ الطبري عن أخبار الخلافة أي بيعة الخلفاء والردّة والفتوح والجماعة أي الاجتماع على بيعة معاوية وقال :
(إنّه أوثق ما رأيناه في ذلك وأبعد عن المطاعن والشّبهة في كبار الأمّة).
إذا فإنّ روايات سيف في تاريخ الطبري عن تلك الأخبار أوثق عندهم ، لأنّها أبعد عن المطاعن والشّبهة في كبار الأمّة من الصحابة والتابعين ، وهم الخلفاء والولاة وذووهم ، وإليكم دليلا آخر على أنّه من المعيب أن يذكر ما يورد النقد على الكبراء وينبغي البحث عن العذر لهم في ما يوجه النقد إليهم كيف ما كان ؛ في خبر درء سعد بن أبي وقاص الحدّ عن أبي محجن والبحث عن العذر لسعد الأمير.
كان أبو محجن الثقفي كما في ترجمته من الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة ، مدمنا للخمر وحدّه الخليفة عمر سبع مرّات لذلك ، وأخيرا نفاه من المدينة ، والتحق بسعد بن أبي وقّاص في حرب القادسية فقيّده لشربه الخمر وأطلقت زوجة سعد سراحه وكانت له مواقف مشهورة في الحرب ، فدرأ سعد الحدّ عنه لموقفه وقال : والله لا نجلدك على الخمر أبدا. قال أبو محجن : وإذن لا أشربها أبدا.
كان هذا خبر درء سعد الحدّ عن أبي محجن ، وفي هذا الشأن نقل ابن حجر في ترجمة أبي محجن في كتابه الإصابة عن كتاب ابن فتحون (ت : ٥١٩ ه) : (التذييل على استيعاب أبي عمر بن عبد البرّ) وقال : (وقد عاب ابن فتحون أبا عمر على ما ذكره في قصة أبي محجن ، أنّه