أوّلا ـ قصّة الأسود العنسي في روايات سيف
روى الطبري في قصة الأسود العنسي (٤٠) عدة روايات عن سيف تتلخّص في ما يلي:
إنّ الأسود لمّا ادّعى النبوة وتغلّب على اليمن وقتل ملكها شهر بن باذان وتزوّج امرأته وأسند أمر الجيش إلى قيس بن عبد يغوث ، وأسند أمر الأبناء ـ وهم أبناء الفرس باليمن ـ إلى فيروز وداذويه ، كتب النبيّ (ص) إلى هؤلاء بقتال الأسود إمّا مصادمة أو غيلة. فاتّفقوا على اغتياله ، فأخبره شيطانه فأرسل إلى قيس وقال : يا قيس! ما يقول الملك؟ قال قيس : وما يقول؟ قال : يقول : (عمدت إلى قيس فأكرمته حتّى إذا دخل منك كلّ مدخل ، وصار في العزّ مثلك ، مال ميل عدوّك ؛ وحاول ملكك وأضمر على الغدر! إنّه يقول : يا أسود ، يا أسود ، يا سوءة! يا سوءة! اقطف قنّته (٤١) وخذ من قيس أعلاه وإلّا سلبك أو أخذ قنّتك!) ، فقال قيس : فحلف به وكذب : (وذي الخمار (٤٢) لأنت أعظم في نفسي وأجلّ عندي من أن أحدّث بك نفسي) ، قال الأسود : (ما أجفاك! أتكذب الملك؟! وعرفت الآن أنّك تائب ممّا اطلع عليه منك) يعني ما اطلع عليه شيطانه الّذي يسمّيه الملك.
وقال سيف : ثمّ خرج قيس وأخبر جماعته بما جرى له مع الأسود وتواطئوا على إنفاذ ما اتّفقوا عليه من قتله ، فدعا الأسود قيسا ثانية ، وقال له : (ألم أخبرك الحقّ وتخبرني الكذابة إنّه يقول ـ يعني شيطانه الّذي يسمّيه
__________________
(٤٠) نسبة إلى عنس بن مذحج وهم حيّ من زيد بن كهلان بن سبأ ، ترجمتهم في أنساب ابن حزم ص ٣٨١.
(٤١) اقطف قنته أي اقطع رأسه ، وقنة كل شيء أعلاه مثل القلة.
(٤٢) كان الأسود يلقب ذا الخمار أو ذا الحمار.