الملك ـ : يا سوءة! يا سوءة! إلّا تقطع من قيس يده يقطع قنّتك العليا). فقال له قيس: (ليس من الحقّ أن أقتلك وأنت رسول الله فمر بي بما أحببت ، فإمّا الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة! اقتلني! فموتة أهون عليّ من موتات أموتها كلّ يوم) ، قال سيف : فرقّ له فأخرجه! وقال : دعا الأسود بمائة جزور بين بقرة وبعير ، وخطّ خطا فأقيمت من وراء الخطّ ، وقام من دونها ، فنحرها غير محبسة ولا معقّلة ، ما يقتحم الخطّ منها شيء ، ثمّ خلاها فجالت إلى أن زهقت. ونقل سيف عن الراوي أنّه قال : (ما رأيت أمرا كان أفظع منه ، ولا يوما أوحش منه).
قال سيف : وتواطئوا مع زوجته على اغتياله ـ ليلا ـ فلمّا دخلوا عليه ليقتلوه بادره فيروز ، فأنذره شيطانه بمكان فيروز وأيقظه. فلمّا أبطأ تكلّم الشيطان على لسانه وهو يغطّ في نومه وينظر إلى فيروز قال له : (ما لي ولك يا فيروز؟). فدقّ فيروز رقبته وقتله.
قال : (ثمّ دخل الباقون ليحتزّوا رأسه ، فحرّكه شيطانه فاضطرب فلم يضبطوا أمره حتّى جلس اثنان على ظهره وأخذت المرأة شعره ، فجعل يبربر بلسانه فاحتزّ الآخر رقبته فخار كأشدّ خوار ثور سمع قطّ ، فابتدر الحرس الباب ، وقالوا : ما هذا؟ فقالت المرأة : النبيّ يوحى إليه ، فخمد ...) الحديث.
* * *
روى هذا الخبر عن سيف كلّ من الطبري والذهبي في تاريخيهما ، وأخذه من الطبري كلّ من ابن الأثير وابن كثير وابن خلدون ، غير أنّ الأخير أورده بإيجاز.