إلى عثمان : إنّ أبا ذرّ قد أعضل بي وقد كان من أمره كيت وكيت. فكتب إليه عثمان : إنّ الفتنة قد أخرجت خطمها وعينها فلم يبق إلّا أن تثب فلا تنكأ القرح وجهّز أبا ذرّ إليّ وابعث معه دليلا وزوده وارفق به وكفكف الناس ونفسك ما استطعت فإنّما تمسك ما استمسكت ، فبعث بأبي ذرّ ومعه دليل ، فلمّا قدم المدينة ورأى المجالس في أصل سلع قال: بشّر أهل المدينة بغارة شعواء وحرب مذكار. ودخل على عثمان فقال : يا أبا ذرّ ما لأهل الشام يشكون ذربك؟ فأخبره أنّه لا ينبغي أن يقال مال الله ولا ينبغي للأغنياء أن يقتنوا مالا ، فقال : يا أبا ذرّ عليّ أن أقضي ما عليّ وآخذ ما على الرعية ولا أجبرهم على الزّهد وأن أدعوهم إلى الاجتهاد والاقتصاد ، قال : فتأذن لي في الخروج؟ فإنّ المدينة ليست لي بدار. فقال : أو تستبدل بها إلّا شرّا منها ، قال : أمرني رسول الله (ص) أن أخرج منها إذا بلغ البناء سلعا. قال : فانفذ بما أمرك به. قال : فخرج حتى نزل الربذة فخطّ بها مسجدا وأقطعه عثمان صرمة من الإبل وأعطاه مملوكين وأرسل إليه أن تعاهد المدينة حتّى لا ترتد أعرابيّا ، ففعل).
دراسة روايات سيف في أخبار الفتن
اختلق سيف هذه الأخبار ونظائرها في الدفاع عن الخلفاء الأمويين : عثمان ، ومعاوية ، ومروان ، والولاة : الوليد ، وسعد بن أبي سرح ، وغيرهم من كبراء بني أميّة ، فراجت قصصه المختلقة في أخبار تلك الفتن ، وانتشرت في مصادر الدراسات الإسلاميّة انتشار النّار في الهشيم ، كما برهنّا على ذلك في أوّل الجزء الأوّل من (عبد الله بن سبأ) ، وأثبتنا الصحيح من أخبار تلك الفتن في فصل (في عصر الصهرين) وفصل (مع معاوية) من كتابنا (أحاديث أمّ المؤمنين عائشة) الجزء الأول ، ونشير في ما يأتي إلى أمثلة من أنواع الاختلاق والتحريف في روايات سيف السابقة.