من محمّد إنّه شرف شريفهم ، واستحقّوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة وكالكعبة المستورة ، أو كالقبلة المنصوبة ، أو كالشمس الضاحية ، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية ، أو كالشجر الزيتونيّة أضاء زيتها ، وبورك زبدها ، ومحمّد وارث علم آدم وما فضّل به النبيّون ، وعليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد ، ووارث علمه. أيّتها الأمّة المتحيرة بعد نبيّها! أما لو قدّمتم من قدّم الله ، وأخّرتم من أخّر الله ، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيّكم لأكلتم من فوق رءوسكم ومن تحت أقدامكم ، ولما عال وليّ الله ، ولا طاش سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، إلّا وجدتم على ذلك عندهم من كتاب الله وسنّة نبيّه ، فأمّا إذ فعلتم ما فعلتم ، فذوقوا وبال أمركم ، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون).
وقال اليعقوبي بعده :
(وبلغ عثمان أيضا أنّ أبا ذرّ يقع فيه ، ويذكر ما غيّر وبدّل من سنن رسول الله وسنن أبي بكر وعمر ، فسيّره إلى الشّام إلى معاوية ، وكان يجلس في المسجد ، فيقول كما كان يقول ويجتمع إليه النّاس حتّى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه ...) الحديث.
وقال اليعقوبي بعد ذلك ما موجزه :
(إنّ معاوية كتب إلى عثمان أنّك قد أفسدت الشّام على نفسك بأبي ذرّ ، فكتب إليه أن احمله على قتب بغير وطاء. فقدم به المدينة وقد ذهب لحم فخذيه وجرى له مع عثمان ما أدّى بعثمان أن ينفيه إلى الرّبذة ، وجرى للوليد والي الكوفة مع ابن مسعود نظير ذلك ، فجلبه الخليفة إلى المدينة وأمر به ، فضرب به الأرض وتوفّي على أثر ذلك ، وفعل نظير ذلك بعمّار) (٦٥).
__________________
(٦٥) راجع تفصيل أخبارهما بكتاب أحاديث عائشة.