المتّفق عليه ، ويشهرونهما ويذكرونهما بكلّ تجلّة واحترام. ومن ثم اشتهرت سيرة ابن هشام في مدرسة الخلفاء ومن تابعهم بالوثاقة لالتزامه ما اتّفقوا عليه ، وأهملت سيرة ابن إسحاق لعدم التزامه الأسلوب المقبول عندهم ، وتركوا تدارسها واستنساخها حتّى أدّى ذلك إلى فقدان سيرة ابن إسحاق في حين أنّ ابن هشام أخذ جميع ما حوته سيرته من سيرة ابن إسحاق مع إسقاط (ما يسوء النّاس ذكره) من سيرة ابن إسحاق بحسب تعبيره.
ومن ثمّ ـ أيضا ـ أصبح تاريخ الطبري أوثق مصادر التاريخ الإسلامي وأكثرها شهرة واعتبارا وأصبح مؤلفه الطبري إمام المؤرّخين بمدرسة الخلفاء ، لأنّه باتّباعه المنهج المذكور بثّ روايات سيف الّتي كان يعلم كذبها ومخالفتها للحقّ والواقع التاريخي في أخبار عصر الصحابة أو بالأحرى الخلفاء الأوائل ، ثمّ تهافت العلماء على أخذ ما ورد منها في تاريخ الطبري ونشرها في مصادر الدراسات الإسلامية وأهملوا الأخبار الصحيحة في مقابلها حتّى نسيت وفقدت من المجتمعات الإسلامية.
ومن ثمّ ـ أيضا ـ أصبح البخاري إمام المحدّثين بمدرسة الخلفاء ، وأصبح صحيحه أصحّ كتاب بعد كتاب الله عندهم ، وأصبحت الأحاديث الصحيحة في غير صحيحه أو صحيح مسلم غير معتبرة.
منشأ الاختلاف فى روايات مصادر الدراسات الاسلامية
إذا أمعنّا النظر في بحوثنا السابقة وما يأتي في بحوث اجتهادات الخلفاء من الجزء الثاني لهذا الكتاب ، عرفنا منشأ الاختلاف في روايات مصادر الدراسات الإسلامية ، فقد وجدنا في الموردين أحاديث وضعت موافقة لسياسة السلطات الحاكمة ومصلحتها ، مقابل الروايات الصحيحة الّتي كانت تخالف سياستهم ومصلحتهم ، ومن ثمّ انكشف لنا ميزان ثابت لتمييز الحديث القوي