الكتب في أمر الجمل وصفّين أو غيرهما ممّا فيه فضيلة للإمام علي ، يمكننا أن نقدّر عظم الخسارة في ما أخفي عن النّاس من حديث رسول الله (ص) وإنّما أبقوا الروايات الّتي وردت في شأن الخوارج الّذين خرجوا على الإمام عليّ ، لأنّ الخوارج استمرّ خروجهم على السلطة بعد الإمام عليّ أيضا ، وكان في نشر تلكم الأحاديث مصلحة للسلطة ، فرووها في جميع كتب الأحاديث وبقيت سالمة إلى يومنا هذا.
ومن أحاديث الرّسول (ص) الّتي كانت تخالف سياسة مدرسة الخلفاء وسعوا في كتمانها ، أحاديث الرسول (ص) في حقّ الإمام عليّ بأنّه وصيّه ، وكذلك فعلوا بما ورد في شأنه في شعر الصّحابة أو نثرهم ، كما رأينا أمّ المؤمنين عائشة أنكرت الوصيّة ، وناقشنا الخبر الّذي روي عنها في ذلك ؛ وكذلك رأينا :
أ ـ حذف بعضهم من الكلام ما فيه ذكر الوصيّة دون أن يشير إلى ذلك ، كما فعلوه مع قصيدة النعمان بن عجلان الأنصاري.
ب ـ حذف بعضهم بعض الخبر مع الإبهام في القول ، كما فعله الطبريّ ، وابن كثير في تفسيريهما بلفظ (وصيّي وخليفتي) في حديث رسول الله (ص).
ج ـ حذف بعضهم من الخبر لفظ الوصيّة وحرّف الخبر كما فعله ابن كثير مع خطبة الإمام الحسين (ع).
د ـ حذف بعضهم تمام الخبر الّذي فيه ذكر الوصيّة مع الإشارة إليه ، كما فعل ذلك الطبري وابن الأثير وابن كثير مع كتاب محمّد بن أبي بكر.
ه ـ حذف بعضهم تمام الخبر الّذي فيه ذكر الوصيّة مع عدم الإشارة إليه كما فعل ذلك ابن هشام في خبر دعوة الرسول (ص) لبني هاشم لما فيه قوله في علي : «ووصيّي وخليفتي فيكم».