وغيرهما قبل أن يبعث النبيّ ، كانوا يستنصرون به عليهم ، ويستفتحون لما يجدون ذكره في التوراة ، فيدعون على الّذين كفروا ويقولون : (اللهمّ إنّا نستنصرك بحقّ النبيّ الأميّ إلّا نصرتنا عليهم) أو يقولون : (اللهمّ ربّنا انصرنا عليهم باسم نبيّك ...) (١٥) فينصرون. فلمّا جاءهم كتاب من عند الله وهو القرآن مصدّق لما معهم ، وهو التوراة والإنجيل ، وجاءهم ما عرفوا ، وهو محمد (ص) ولم يشكّوا فيه ، كفروا به ، لأنّه لم يكن من بني إسرائيل (١٦).
ثانيا ـ التوسّل بالنبيّ (ص) في حياته
روى أحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن عثمان بن حنيف : أنّ رجلا ضرير البصر أتى النبيّ (ص) فقال :
ادع الله أن يعافيني. قال :
إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال :
فادعه. قال :
فأمره أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء :
«اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة. يا محمّد ، إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي لتقضى لي. اللهمّ شفّعه فيّ» (١٧). صحّحه
__________________
(١٥) يظهر من الروايات أنهم كانوا يدعون بأمثال هذه الأدعية مما فيه التوسل بالنبيّ (ص) إلى الله جلّ اسمه.
(١٦) تواترت الروايات بالمضمون الّذي أوردناه في كلّ من :
دلائل النبوة للبيهقي ص ٣٤٣ ـ ٣٤٥. وتفسير الآية ٨٩ من سورة البقرة بتفسير محمد بن جرير الطبري ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٨. وتفسير النيسابوري بهامشه ١ / ٣٣٣. والحاكم بتفسير الآية ٨٩ من سورة البقرة من كتاب التفسير بمستدركه ٤ / ٢٦٣. وتفسير السيوطي عن دلائل النبوة لأبي نعيم. وتفسير محمد بن عبد حميد. وتفسير أبي محمد عبد الرحمن بن أبى حاتم بن إدريس الرازي. وتفسير أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت : ٣١٠ ه).
(١٧) مسند أحمد ٤ / ١٣٨. وسنن الترمذي ، كتاب الدعوات ١٣ / ٨٠ ـ ٨١. وسنن ابن ـ