تدلّنا القرائن الحالية والمقالية في المقام ، أنّ القصد من التبليغ في هذه الروايات وما شابهها تبليغ ما أوحى الله إلى رسوله من أحكام إلى المكلّفين بها في بادئ الأمر ، وهذا ما لا يقوم به إلّا الرسول أو رجل من الرسول.
ويقابل هذا التبليغ التبليغ الّذي يقوم به المكلّفون بتلك الأحكام بعد ما بلّغوا بها بواسطة الرسول أو رجل من الرسول ، فإنّ لهم عند ذاك أن يقوموا بتبليغها إلى غيرهم ، ويطّرد جواز هذا التبليغ ورجحانه ويتسلسل مع كلّ من بلغه الحكم إلى أبد الدهر.
وواضح أنّ الرسول (ص) عنى بقوله : «لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي» التبليغ من النوع الأوّل.
ويفسّر أيضا لفظ «منّي» في أحاديث الرسول (ص) حديث المنزلة الآتي :
عليّ من النبيّ (ص) بمنزلة هارون من موسى
في صحيح البخاري ، ومسلم ، ومسند الطيالسي ، وأحمد ، وسنن الترمذي ، وابن ماجة وغيرها (٥) واللفظ للأوّل : انّ رسول الله (ص) قال لعليّ :
«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس نبيّ بعدي».
ولفظ مسلم وغيره :
__________________
(٥) صحيح البخاري ٢ / ٢٠٠ باب مناقب علي بن أبي طالب. وصحيح مسلم ٧ / ١٢٠ باب من فضائل علي بن أبي طالب. والترمذي ١٣ / ١٧١ باب مناقب علي. والطيالسي ١ / ٢٨ و ٢٩ وح ٢٠٥ و ٢٠٩ و ٢١٣. وابن ماجة باب فضل علي بن أبي طالب ح ١١٥. ومسند أحمد ١ / ١٧٠ و ١٧٣ ـ ١٧٥ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٢ و ١٨٤ و ١٨٥ و ٣٣٠ ، و ٣ / ٣٢ و ٣٣٨ ، و ٦ / ٣٦٩ و ٤٣٨. ومستدرك الحاكم ٢ / ٣٣٧. وطبقات ابن سعد ٣ / ١ / ١٤ و ١٥. ومجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ـ ١١١. ومصادر أخرى كثيرة.