«عليّ منّي وأنا من عليّ. لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ» (٧) ، وعلى هذا فإنّ الرسول (ص) فسّر لفظ «منّي» في هذه الأحاديث بكلّ وضوح وجلاء ، وصرّح (ص) أنّ القصد منه ؛ أنّه منه في مقام التبليغ عن الله إلى المكلّفين بلا واسطة. ومن ثمّ يتّضح معنى «منّي» في أحاديث أخرى للرسول (ص) في حقّ الإمام عليّ والّذي ورد فيها غير مفسّرة.
مثل ما ورد في رواية بريدة في خبر الشكوى أنّ الرسول (ص) قال له : «لا تقع في علي فإنّه منّي و...» (٨).
ورواية عمران بن حصين : «إنّ عليّا منّي ...» (٩).
* * *
في كل هذه الروايات قصد الرسول (ص) أنّ عليّا والأئمة (ع) من ولده ، من رسول الله (ص) في حمل أعباء التبليغ إلى المكلّفين مباشرة ووظيفتهم من نوع وظيفته ، وعلى هذا فهم منه وهو منهم ، يشتركون في التبليغ ويختلفون في أنّه يأخذ الأحكام الّتي يبلّغها من الله عن طريق الوحي ، وهم يأخذونها عن طريق رسول الله (ص) فهم مبلّغون عن رسول الله (ص) إلى الأمّة وقد أعدّهم الله ورسوله (ص) لحمل أعباء التبليغ ، وذلك بما عصمهم الله من الرجس وطهّرهم تطهيرا ، كما أخبر سبحانه عن ذلك في آية التطهير ، وبما أفاض الرسول (ص) على الإمام عليّ خاصّة ممّا أوحى الله إليه ، ثمّ ورث الأئمة من أبيهم الإمام عليّ ذلك واحدا بعد الآخر ، كما نصّت على ذلك الروايات الآتية.
__________________
(٧) أخرجه ابن ماجة في كتاب المقدمة ، باب فضائل الصحابة ص ٩٢ من الجزء الأوّل من سننه ، والترمذي ، كتاب المناقب ، ١٣ / ١٦٩ وهو الحديث : ٢٥٣١ في ص ١٥٣ من الجزء السادس من الكنز في طبعته الأولى ، وقد أخرجه الامام أحمد في ص ١٦٤ و ١٦٥ من الجزء الرابع من مسنده من حديث حبشي بن جنادة بطرق متعددة.
(٨) و (٩) مضى ذكر سندهما في باب : وليّ أمر المسلمين.