نفيل سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل منها ، ثمّ قال : إنّي لا آكل إلّا مما ذكر اسم الله عليه(٢٠).
إذا فإنّ زيدا كان في الجاهليّة أفضل من رسول الله يتجنّب من أمر الجاهليّة ما لا يتجنّبه رسول الله (ص).
٢ ـ روى البخاري ومسلم :
أنّ رسول الله (ص) لمّا جاءه جبرائيل بآيات : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ـ إلى قوله ـ (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) رجع النبيّ (ص) إلى بيته ترجف بوادره ، وقال لخديجة : إنّي خشيت على نفسي. فقالت له خديجة : أبشر ، كلّا فو الله لا يخزيك الله أبدا. وانطلقت به إلى ورقة بن نوفل ، وكان امرأ تنصّر في الجاهلية ، فأخبره رسول الله (ص) خبر ما رآه. فقال ورقة : هذا الناموس الّذي أنزل على موسى ـ الحديث (٢١).
إذا فإنّ ورقة النصراني كان أدرى بالوحي وجبرائيل من رسول الله (ص) الّذي خوطب بالوحي ، ومن كلام ورقة اطمأنّ النبيّ (ص) بمصيره ، وإلّا فإنّه كان يريد أن يلقي بنفسه من حالق من جبل ، بحسب ما رواه ابن سعد في طبقاته ، وقال الطبري : إنّ رسول الله (ص) قال : إنّ الأبعد
__________________
(٢٠) البخاري ، كتاب الذبائح ، باب ما ذبح على النصب والأصنام ، ٣ / ٢٠٧. ومسند أحمد ٢ / ٦٩ و ٨٦. وزيد بن عمرو بن نفيل كان ابن عمّ الخليفة عمر ووالد زوجته ، ورد ذكره في ترجمة ابنه سعيد في الاستيعاب ٢ / ٤.
(٢١) صحيح البخاري : باب بدء الوحي ، ١ / ٣ وتفسير سورة اقرأ. وصحيح مسلم ؛ كتاب الإيمان باب بدء الوحي ، ح ٢٥٢. ومسند أحمد ٦ / ٢٢٣ و ٢٣٣.
والبوادر : اللحمة بين المنكب والعنق تضطرب عند الفزع.
وقد لخصنا الخبر.
وناقشنا روايات بعثة النبيّ الواردة في كتب الحديث والسيرة والتفسير وذكرنا عللها في الجزء الرابع من (أثر الائمة في إحياء السنّة) ، وهو سلسلة دراسات عن أثر أئمة أهل البيت (ع) في إحياء السنّة. وأوردنا الخبر الصحيح في ذلك ، والحمد لله.