أشارت هذه الفقرة إلى أنّ المباركة ، والأثمار ، والتكثير إنما يكون في صلب اسماعيل (ع) و «شنيم عسار» تعني «اثنا عشر» ، ولفظة «عسار» تأتي في «العدد التركيبي إذا كان المعدود مذكرا» (٢٢) ، والمعدود هنا «نسيئيم» وهو مذكر وبصيغة الجمع لاضافة ال (يم) في آخر الاسم ، والمفرد «ناسى» وتعني : إمام ، زعيم ، رئيس» (٢٣).
وأما قول (الرب) لإبراهيم (ع) في الفقرة نفسها أيضا :
«في نتتيف كوي كدول» ، نلاحظ أنّ «في نتتيف» مكونة من حرف العطف (في) ، والفعل (ناتن) بمعنى : (أجعل ، أذهب) (٢٤) ، والضمير «يف» في آخر الفعل «نتتيف» يعود على إسماعيل (ع) ، أي «وأجعله» ، وأما كلمة (كوي) فتعني : «أمة ، شعب» (٢٥) ، و «كدول» تعني : «كبير ، عظيم» (٢٦) ، فتصبح (وأجعله أمة كبيرة) ، فيتضح من هذه الفقرة أنّ التكثير والمباركة إنّما هما في صلب إسماعيل (ع) ، مما يجعل القصد واضحا في الرسول محمد (ص) وأهل بيته (ع) باعتبارهم امتدادا لنسل إسماعيل (ع) ، ذلك لأن الله (تعالى) أمر إبراهيم بالخروج من بلاد «نمرود» إلى الشام ، فخرج ومعه امرأته «سارة» و «لوط» ، مهاجرين إلى حيث أمرهم الله (تعالى) ، فنزلوا أرض فلسطين. ووسّع الله (تعالى) على إبراهيم (ع) في كثرة المال ، فقال : «ربّ ما أصنع بالمال ولا ولد لي» ، فأوحى الله (عزوجل) إليه «إني مكثّر ولدك حتى يكونوا عدد النجوم». وكانت «هاجر» جارية لسارة ، فوهبتها لإبراهيم (ع) ، فحملت منه ،
__________________
(٢٢) «المعجم الحديث» عبري ـ عربي ، ص ٣١٦.
(٢٣) المصدر السابق ، ص ٣٦٠.
(٢٤) المصدر السابق ، ص ٣١٧.
(٢٥) المصدر السابق ، ص ٨٤.
(٢٦) المصدر السابق ، ص ٨٢.