بناء على هذا فإنّ خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت صحيحة لإجماع المسلمين عليهم وكان الرسول قد بشّر المسلمين بخلافتهم له في حمل الإسلام إلى الناس.
قال ابن حجر عن هذا الوجه : (إنّه أرجح الوجوه).
وقال ابن كثير :
(إنّ الّذي سلكه البيهقي ووافقه عليه جماعة من أن المراد هم الخلفاء المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الّذي قدمنا الحديث فيه بالذمّ والوعيد فإنّه مسلك فيه نظر ، وبيان ذلك أنّ الخلفاء إلى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كلّ تقدير ، وبرهانه أنّ الخلفاء الأربعة ، أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلافتهم محقّقة ... ثمّ بعدهم الحسن بن عليّ كما وقع لأنّ عليا أوصى إليه ، وبايعه أهل العراق ... حتّى اصطلح هو ومعاوية ... ثمّ ابنه يزيد بن معاوية ، ثمّ ابنه معاوية بن يزيد ، ثمّ مروان بن الحكم ، ثمّ ابنه عبد الملك بن مروان ، ثمّ ابنه الوليد بن عبد الملك ، ثمّ سليمان بن عبد الملك ، ثمّ عمر بن عبد العزيز ، ثمّ يزيد بن عبد الملك ، ثمّ هشام بن عبد الملك ، فهؤلاء خمسة عشر ، ثمّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، فإن اعتبرنا ولاية ابن الزبير قبل عبد الملك صاروا ستّة عشر ، وعلى كلّ تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزيز ، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج عمر بن عبد العزيز ، الّذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه وعدّوه من الخلفاء الراشدين ، وأجمع الناس قاطبة على عدله ، وأنّ أيّامه كانت من أعدل الأيام حتّى الرافضة يعترفون بذلك ، فإن قال : أنا لا أعتبر إلّا من اجتمعت الأمّة عليه لزمه على هذا القول أن لا يعدّ عليّ بن أبي طالب ولا ابنه ، لأنّ الناس لم يجتمعوا عليهما وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما.