رسول الله ، وبكى ابن عبّاس حتّى خضب دمعه الحصباء.
موقف الخليفة عمر :
توفّي الرسول وأبو بكر غائب بالسنح فأخذ عمر يقول : ما مات رسول الله ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى وغاب عن قومه أربعين ليلة ، والله ليرجعنّ رسول الله فليقطعنّ أيدي رجال يزعمون أنّه مات. وقال : من قال إنّه مات علوت رأسه بسيفي ، فتلوا عليه الآية : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) آل عمران / ١٤٤.
وقال له العبّاس : إنّ رسول الله قد مات ، هل عند أحدكم عهد من رسول الله في وفاته فليحدّثنا.
لم ينته عمر من كلامه وتهديده حتّى ازبدّ شدقاه ، ولمّا أقبل الخليفة أبو بكر وتلا الآية (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ...) ، سكت عمر.
سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر
اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة وجثمان رسول الله (ص) بين أهله يغسلونه ، وأخرجوا سعد بن عبادة ـ وكان مريضا ـ فذكر سابقة الأنصار وقال : استبدّوا بهذا الأمر ، فأجابوا : قد وفقت في الرأي ولن نعدو ما رأيت ، نولّيك هذا الأمر. فسمع بذلك أبو بكر وعمر فأسرعا مع جماعتهما إلى السقيفة ، وذكر أبو بكر سابقة المهاجرين وقال : هم أولياؤه وعشيرته وأحقّ الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم ذلك إلّا ظالم.
فقال الحباب بن المنذر : يا معشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم ، فإنّ الناس في فيئكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم فإن أبى هؤلاء إلّا ما سمعتم ، فمنّا أمير ومنهم أمير.